
في خضم التحولات السياسية والأمنية المتسارعة، تبرز الأحداث الأخيرة في محافظتي حمص والساحل السوري كمحطة اختبار حقيقية للسلطة السورية الجديدة. وفي تحليل خاص لشبكة شام نيوز إنفو على هواء إذاعة فيرجن إف إم، تحدث المحامي محمود مرعي أن تعامل الأمن العام مع هذه الأحداث يعكس تحولاً جزئياً في عقلية السلطة من منطق الفصيل إلى منطق الدولة.
يكشف مرعي عن الدور الحاسم الذي لعبه الأمن العام في احتواء الأوضاع في حمص، حيث أوقف هجوم عشيرة بني خالد على أحياء المهاجرين والأرمن، كما حمى التظاهرات في الساحل دون إطلاق النار إلا في حالات الضرورة القصوى. ويسجل أن هذه الخطوات تمثل إنجازاً للسلطة السياسية، وتشير إلى بداية تحول في منهجية التعامل مع الملفات الأمنية.
في تحليل أعمق للأوضاع الطائفية، يشير مرعي إلى ظهور الشيخ غزال غزال كمرجعية دينية للطائفة العلوية، حيث استطاع حشد عشرات الآلاف في تظاهرات الساحل وحمص. ويسجل أن هذا الظهور يأتي في ظل إخفاق السلطة السياسية في تأمين الخبز والأمن للطائفة العلوية، مما يجعلها لقمة سائغة للتدخلات الخارجية.
على صعيد الحلول السياسية، يدعو مرعي إلى اعتماد اللامركزية الإدارية كحل عملي يحافظ على وحدة سورية مع منح المناطق صلاحيات إدارية أوسع، مع رفضه القاطع لأي شكل من أشكال اللامركزية السياسية أو التقسيم. ويسجل أن السلطة الحالية ما زالت تتعامل بنفس عقلية هيئة تحرير الشام، وتغيب عنها المشاركة الحقيقية لمكونات الشعب السوري.
ختاماً، يؤكد مرعي أن التحدي الأكبر يتمثل في قدرة السلطة السورية على الانتقال من عقلية الفصيل إلى عقلية الدولة، من خلال عقد مؤتمر حوار وطني حقيقي يشارك فيه جميع مكونات الشعب السوري. ويبقى السؤال المركزي: هل ستتمكن السلطة السورية من تحويل النجاحات الأمنية في حمص والساحل إلى منصة لتحقيق مصالحة وطنية شاملة؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المرحلة القادمة في المسيرة السورية.

