
في حديث خاص عبر شبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم، قدَّم المحلل السياسي الأستاذ حسام طالب تقييماً شاملاً للمشهد في سورية بعد مرور عام على التغيير، مشدداً على نجاح السلطة في تنظيم احتفالات كبرى في العاصمة دمشق وعدة محافظات، وتحقيق إنجازات ملموسة على الصعيدين الأمني والاقتصادي، بما في ذلك فتح أبواب دولية مغلقة وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
وحول مشهد الاحتفالات المليونية التي شهدتها ساحات دمشق، والتي وصلت إلى حد طلب وزارة الداخلية فضها بسبب الاكتظاظ غير المسبوق، أشار طالب إلى أن هذا الحشد الجماهيري الهائل لم تشهده العاصمة منذ زمن بعيد، معتبراً إياه مؤشراً على شعبية كبيرة وحالة من الانضباط السياسي والأمني الملفت. وأكد أن ضبط الأمن خلال هذه الفعاليات كان رائعاً، مع حصول عدد قليل جداً من الحوادث البسيطة التي لا تذكر أمام حجم المشاركة.
في المقابل، علق طالب على امتناع خمس محافظات عن المشاركة في الاحتفالات، معتبراً أن هذا المشهد المتناقض يؤكد حقيقة أساسية، وهي أن الحل الدائم في سورية لا يمكن أن يكون إلا توافقياً بين جميع مكونات الشعب. وأوضح أن فكرة الديكتاتورية أو الاستفراد بالسلطة قد ولت، وأن المحيطين الإقليمي والدولي، بل والداخل السوري نفسه، لم يعودوا يتقبلون مثل هذا النموذج. وشدد على أن التوافق الوطني المطلوب ليس تنازلاً من أحد للآخر، بل هو الاعتراف المتبادل بالحقوق.
وفي معرض رده على عدم مشاركة السويداء، هاجم طالب ما وصفه بالفئة المختطفة للمحافظة، ووجه انتقادات حادة للشيخ حكمت الهجري، واصفاً إياه بالعميل لإسرائيل، مستنكراً رفع صور بنيامين نتنياهو في الساحل السوري. وأكد أن الوضع في السويداء يختلف جذرياً عن أي منطقة أخرى، معتبراً أنها تحت سيطرة قبضة أمنية وعسكرية مدعومة من الخارج، وليست تعبيراً عن إرادة شعبية حرة. واعترف بأن الدولة ارتكبت أخطاء في السويداء، وأن مجرمين قاموا بأعمال عنف فيها، لكنه ألقى باللوم الرئيسي على القوى الخارجية التي استغلت هذا الواقع.
أما بالنسبة للوضع في الساحل، فقد أعطى تحليلاً مختلفاً، معترفاً بقوة وتأثير الشيخ غزال غزال وصدى دعواته بين الناس. واعتبر أن المطالبة باللامركزية الإدارية أو السياسية هو حق ضمن سقف وحدة الدولة وأرضيتها، وهو أمر قابل للنقاش. كما اعتبر أن الإضراب السلمي هو ممارسة سياسية راقية في حال عدم مصاحبته بأضرار أو تحريض على العنف.
وتطرق طالب بحسم إلى حادثة مقتل شاب على حاجز خلال فترة الإضراب، نافياً أن يكون القاتل من عناصر القوى الأمنية التابعة للدولة، أو أن تكون الحادثة بناء على أوامر رسمية، ومرجحاً أن تكون ذات دوافع جنائية أو شخصية.
كما حذَّر طالب من خطورة الخطاب الطائفي بجميع أشكاله، سواء كان سنوياً أو علوياً أو درزياً أو كردياً متعالياً. ودعا الدولة إلى واجبها في تجريم هذا الخطاب ومحاسبة من يشيعه على منصات التواصل الاجتماعي، مشيداً في الوقت نفسه بالخطاب الوطني الجامع الذي تتبناه إدارة الرئيس أحمد الشرع ووزراء حكومته، معتبراً أنه النموذج الواجب اتباعه.
وفي ختام تقييمه، انتقد طالب موقف قوات سورية الديمقراطية (قسد) ومنعها الاحتفالات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، معتبراً هذا المنع دليلاً على عدم اعترافها بالدولة الجديدة وإدارتها. وأكد أن الإضراب في الساحل هو رد فعل طبيعي على انتهاكات سابقة، لكنه دعا إلى توجيه هذا الغضب نحو القنوات السياسية والسلمية البناءة.
وبشكل عام، يرى طالب أن سورية بعد عام من التغيير تقف عند مفترق طرق: فمن ناحية، هناك حشود شعبية كبرى تؤشر إلى رصيد من الشرعية والاستقرار النسبي، ومن ناحية أخرى، هناك مناطق وتحديات عميقة تذكر بأن الطريق نحو المصالحة الوطنية الكاملة وإعادة البناء لا يزال طويلاً وشائكاً.

