وسط مخاوف من انتقام إيراني، دائرة الأمن في وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتنسيق مع “الشاباك” تقرر إغلاق 28 سفارة في أنحاء العالم، وذلك على خلفية قيام اسرائيل باغتيال مسؤولَين رفيعين في الحرس الثوري الإيراني في دمشق بغارة جوية منذ أيام، من بينهما العميد محمد رضى زاهدي وهو أرفع مسؤول إيراني يتم اغتياله منذ قاسم سليماني.
كما صدرت تعليمات للمبعوثين الدبلوماسيين في بعض الدول بعدم ارتياد الأماكن المرتبطة بـ “إسرائيل” أو الإسرائيليين وزيادة اليقظة و “كسر” الروتين وتغيير المسارات.
فالتهديدات الايرانية هذه المرة جادة وحازمة، وعملية الانتقام ستكون في الوقت والمكان المناسبين، وستجعل (العدو) يندم على فعلته حسب قول محمد باقري رئيس أركان الجيش الإيراني الذي عد الهجوم على قنصلية إيران في دمشق خطوة مجنونة واشنطن شريكة فيها، وحسب مصدر مقرب من حزب الله فان هذه الخطوة
”خربت” كل التفاهمات السابقة بين إيران والولايات المتحدة، و أن
” إيران تطالب بثمن ما حدث”.
المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي وصف الاتهامات الإيرانية لواشنطن بأنها “هراء”، وقال في إفادة صحفية “دعوني أوضح الأمر، لا علاقة لنا بالهجوم في دمشق… لم نشارك بأي شكل من الأشكال”، محذرا أن بلاده سترد على أي هجمات انتقامية.
مسؤولون أميركيون و إسرائيليون انبروا لتبرأة ادارة الرئيس بايدن بالقول إن إسرائيل أبلغت إدارة الرئيس الأميركي بالضربة في وقت متأخر قبل تنفيذها بدقائق قليلة.
رغم ارتفاع نبرة الخطاب الايراني ولهجته الأشد حتى الٱن، إلا أن محللين ومسؤولين وأشخاص مقربين من إيران أكدوا أن ايران ستدرس ردها بعناية ورجحوا أن يقتصر الرد الإيراني على هجوم تنفذه مسيرة أو هجوم صاروخي يستهدف مواقع إسرائيلية، على اعتبار أن إيران ماتزال تأمل بتجنب الانجرار إلى حرب قد تكلفها كثيراً، خاصة أن اسرائيل باتت على استعداد لرد فعل أعنف يمكن أن يؤدي لاندلاع حرب إقليمية بعد هذا الحدث،
وترى سانام فاكيل مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مركز أبحاث تشاتام هاوس في لندن، بأن الجدل في إيران اليوم أصبح حول مزايا تنفيذ ضربة مباشرة، أو “التروي لاستنزاف إسرائيل” عبر تخفيض مستوى الحرب الدائرة حالياً، ومن المحتمل أن تتحول سوريا إلى ساحة للأعمال العدائية المتفاقمة بين إسرائيل وإيران، كما يمكن لطهران أن تغير وجهتها وتنتقل للمواجهة في ساحة مختلفة.
أما أفشون أوستوفار، وهو أستاذ جامعي متخصص بشؤون الأمن القومي، فهو لا يعتقد بأنه هذه الضربة قد غيرت قواعد اللعبة، بل إنها بمثابة تصعيد تدريجي لنزاع قائم على مبدأ العين بالعين، والذي بدأ بين إسرائيل وإيران منذ عقود.
ويرى استوفار بأنه حتى لو لم تتسبب هذه الضربة بقيام نزاع مباشر بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، فإنها تسلط الضوء على اشتداد التوتر بين المطامح السياسية والعسكرية لإيران، وذلك لأنها بلغت مرحلة التعثر بما أنها حققت نجاحاً على المستوى السياسي لكنها لم تستطع أن تمضي قدماً على المستوى العسكري، وذلك في إشارة لارتياح طهران ورضاها على حالة العزلة الدولية التي بدأت تشتد على إسرائيل مع ازدياد التعاطف مع الشعب الفلسطيني، وبناء عليه فإن تصعيد العمليات العسكرية يمكن أن يتسبب بانتكاسة لن تفيد القيادة في طهران بشيء.
بمعنى “طالما رغبت إيران بتحقيق النجاح على المستوى السياسي، فعليها أن تتحمل هذا الوضع من دون شكوى، إذ لا يوجد لديها سبب وجيه لتغير اللعبة أو لتتورط في حرب مفتوحة”.
وفي حين شهد هذا الاعتداء ادانات من دول عربية واقليمية على خلفية رمزية القنصلية السيادية في القانون الدولي، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عرقلت بياناً صاغته روسيا في مجلس الأمن الدولي يدين الهجوم على القنصلية في دمشق.
وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، إن ذلك “بمثابة مثال واضح للمعايير المزدوجة الغربية ونهجها الفعلي تجاه الشرعية والنظام في السياق الدولي
“. كما قال الدكتور عصام تكروري أستاذ القانون الدولي:
“اذا كنا نتحدث عن مساله القوه العسكريه ولكن الصدام المباشر بمعنى حرب شامله انا استطيع ان اقول بان هذا الامر مستبعد دون ان نقفل مساله هامه وهي ان بعض الصدامات او بعض المناوشات التي تجري على الارض هي تعتبر معركه هي تعتبر شكل من اشكال المعارك ضمن حرب حقيقيه غير معلنه
كصدام مباشر وعلى مستويات واسعه ومتعدده”