تعد العلاقات السورية الروسية من أبرز العلاقات الثنائية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تمتد لأكثر من ثمانين عاماً، محققةً تطورات وتحولات كبيرة عبر العقود. في حديث لشبكة شام نيوز إنفو، أكد المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة أن هذه العلاقات شهدت تطورات مهمة تتعلق بمشهد السياسة الخارجية، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى”. وأشار إلى أن التنسيق الدبلوماسي بين سوريا وروسيا بات ضرورة ملحة في الوقت الراهن، مؤكداً على الأهمية الكبيرة لهذا التنسيق بين البلدين.
يعد التنسيق بين دمشق وموسكو خطوة مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية في المنطقة. وأوضح الدكتور دنورة أن هذا التنسيق يأتي في إطار مشهد السياسة الخارجية الحالي، وهو الأول من نوعه منذ عملية “طوفان الأقصى”. وأكد على ضرورة تفعيل الساعة الدبلوماسية بين البلدين لتعزيز التعاون في مواجهة التحديات المشتركة.
وأشار الدكتور دنورة إلى التحولات الكبيرة في العلاقات الدولية، مستشهداً بقيام الدول الخليجية بفتح قنوات اتصال مع روسيا، والوساطة الصينية بين السعودية وإيران. وأكد أن هذه التحولات تعكس توجهات جديدة في السياسة الخارجية لدول المنطقة، حيث بدأت تنتهج دبلوماسية متعددة الاتجاهات تتماشى مع الواقع السياسي الحالي.
تحدث الدكتور دنورة عن البراغماتية التي أصبحت تتبناها دول الخليج في سياساتها الخارجية، مؤكداً أن هذه الدول بدأت تنظر بجدية إلى مصالحها الاقتصادية والسياسية بعيداً عن النفوذ الأمريكي. وأشار إلى أن حكم الأمير محمد بن سلمان في السعودية يمثل نموذجاً لهذه البراغماتية، حيث حقق درجة من الاستقلالية عن الولايات المتحدة أكثر من السابق، وعمل على تقليص نفوذها المالي والسياسي.
أوضح الدكتور دنورة أن الأمير محمد بن سلمان تمكن من التصدي للإخوان المسلمين، الذين يشكلون خطراً على السعودية، مما عزز من استقلالية المملكة عن النفوذ الأمريكي. وأكد أن هذه الإجراءات تعزز من قدرة السعودية على تبني سياسات خارجية مستقلة، خاصة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.
وأشار الدكتور دنورة إلى أن هناك تغييرات كبيرة في المواقف الأوروبية تجاه سوريا، مستشهداً بزيارة نائب وزير الخارجية التشيكي إلى دمشق. وأوضح أن هذه الزيارة تمثل إشارة قوية إلى تغيير المواقف الأوروبية، وتعكس تحولاً في السياسة الأوروبية تجاه سوريا.
وفيما يتعلق بعودة العلاقات العربية مع سوريا، أكد الدكتور دنورة أن هذا المسار يسير بشكل طبيعي، مشيراً إلى زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى بعض الدول العربية. وأوضح أن هذه الزيارة قد تكون لدفع مسار أستانا، الذي يهدف إلى إيجاد حلول دبلوماسية للصراع في سوريا.
تحدث الدكتور دنورة عن التحديات التي تفرضها السياسة التركية في المنطقة، مؤكداً أن الطرف التركي غير جاد وغير موثوق في تحقيق الاستقرار في سوريا. وأوضح أن تركيا تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، وأن الاحتجاجات ضد الاحتلال التركي للجولان تدل على أن تركيا والمجموعات المحسوبة عليها تلعب دوراً سلبياً في المنطقة. وأكد أن الجانب التركي لم يقم بأي خطوات حقيقية لتحسين الوضع، مشيراً إلى أن الخطوط المفتوحة مع الغرب تتطلب جهوداً كبيرة لتحقيق التقدم المطلوب.
تشهد العلاقات السورية الروسية بعد مرور ثمانين عاماً على إقامتها تطورات كبيرة تعكس التحولات في المشهد السياسي العالمي والإقليمي. ورغم التحديات، يظل التنسيق بين دمشق وموسكو عاملاً حاسماً في تحقيق الاستقرار في المنطقة. ومع تزايد التوجهات البراغماتية في سياسات الدول الخليجية وتغير المواقف الغربية، يبدو أن هذه العلاقات ستظل محوراً أساسياً في السياسة الخارجية السورية والروسية على حد سواء.