في حوار مع شبكة شام نيوز إنفو، قدم الدكتور حسام شعيب، الكاتب والمحلل السياسي، تحليلا معمقا لأحداث “طوفان الأقصى” وتداعياتها الكبيرة على المشهد السياسي والعسكري في المنطقة والعالم. أكد شعيب أن هذه الأحداث أحدثت تغييرات جوهرية، بما في ذلك إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة الكيان الصهيوني، وهو تطور لم يكن متوقعًا من قبل الكثيرين.
لم يكن أحد يتوقع أن تتم محاكمة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، ولكن طوفان الأقصى دفع المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات غير مسبوقة. هذا التطور أثار ردود فعل حادة من حكومة نتنياهو، التي زادت من حدة أعمالها العسكرية والمجازر ضد الفلسطينيين. يوضح شعيب أن هذه الأعمال تعكس حقدا وكراهية دفينة تسيطر على حكومة الاحتلال، التي تستهدف النازحين في المخيمات بشكل وحشي.
على مدى العقود السبعة الماضية، لعب الإعلام الغربي دورا كبيرا في تسويق إسرائيل كدولة سلام، مما جعل من الصعب على العالم تصديق أن مجموعة من الشباب الفلسطينيين استطاعوا هزيمة هذا الكيان خلال عملية “طوفان الأقصى”. شعيب يقدم مقارنة بين المقاوم الفلسطيني، الذي يقاتل وهو جائع وحافي، وبين جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والدروع، مما يبرز التفاوت الكبير بين الطرفين.
أثار هذا الوضع تساؤلات في الشارع العربي حول الإنفاق العسكري للجيوش العربية، في ظل تمكن مجموعة من المقاومة الفلسطينية من تحقيق ما عجزت عنه جيوش كاملة. يؤكد شعيب أن القضية لا تتعلق بحجم الجيوش أو النفقات، بل بالإرادة القوية والصلبة للمقاومة. يذكر شعيب أن الذين يقاومون الاحتلال اليوم هم شباب في مقتبل العمر، مما يظهر أن الزمن لم يمحِ القضية الفلسطينية من الذاكرة.
يشير شعيب إلى أن الإعلام العالمي اليوم لم يعد قادرًا على تجاهل الصور البشعة التي تخرج من غزة، حيث ينقل الأحداث والجرائم بشكل مباشر إلى الرأي العام العالمي. هذا التسليط الإعلامي ساهم في فضح حقيقة الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين.
يتساءل شعيب ما إذا كان الحدث الذي وقع في السابع من تشرين الأول 2023 يستحق كل هذه المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال، مشيرا إلى أن العالم بات يدرك أن القضية هي عملية انتقام من الفلسطينيين. يؤكد شعيب أن المقاومة تقود المعركة بحكمة ودراية، وأن قيادتها تشكل رعبًا جديدًا لحكومة الاحتلال. حتى الآن، لم تتمكن إسرائيل أو أمريكا من معرفة مكان وجود الأسرى، مما يظهر نجاح المقاومة في إدارة الصراع.
من جانبه، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الأستاذ غسان محمد، أن وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتمت بشكل واسع بعمليات المقاومة الأخيرة، وكيف تمكنت من قتل وأسر جنود إسرائيليين. نقل غسان عن أحد المعلقين الإسرائيليين قوله إن المناطق التي كانت تُعتبر آمنة تشتعل من جديد، مما يظهر أن المقاومة أعدت مفاجآت كبيرة.
أشار غسان إلى أن إسرائيل ركزت خلال العقود الماضية على بناء مقاتل يعتمد على التكنولوجيا، لكنها نسيت أن تعد المقاتل الذي يمتلك الروح القتالية. هذا النقص ظهر بوضوح في المواجهات الحالية، حيث يتصدى المقاتلون الفلسطينيون بإصرار وقوة كبيرة رغم الفارق الكبير في التسليح.
يصف غسان المشهد الداخلي في إسرائيل بعد ثمانية أشهر من الحرب بأنه متأزم، حيث لم تحقق إسرائيل أي صورة نصر واضحة. بنيامين نتنياهو، الذي يكرر الحديث عن النصر المطلق، يقود إسرائيل نحو الهزيمة المطلقة، حسب تعبير أحد المحللين الإسرائيليين.
من جانبه، يؤكد الدكتور شعيب أن نتنياهو لم يكن يتوقع صمود الفلسطينيين وإبداعهم في هذه المواجهة. المفاجآت التي تقدمها المقاومة مستمرة، وهي لا تزال تحتفظ بقوتها ولديها أسلحة كافية. تجاهل نتنياهو تصريحات المقاومة التي أكدت مرارا أنها مستعدة للقتال لعامين كاملين، ويبدو أن قيادة كتائب القسام في حماس كانت لديها رؤية استراتيجية بتأجيل المعارك الكبرى إلى هذا الوقت.
يشير شعيب إلى أن جميع الفصائل الفلسطينية تشارك في هذه المعركة، مما يجعلها حربا فلسطينية بامتياز. حكومة رام الله، رغم كل الضغوطات، لم تقدم تنازلات، والجميع يطالب باستمرار عمليات المقاومة. كل محاولات إسرائيل لفصل المقاومة عن الشارع الفلسطيني باءت بالفشل.