في سياق الحديث عن أهمية إنهاء الأزمة في سوريا، أكد الدكتور سليم حربا لشبكة شام نيوز إنفو أن قوة سوريا تنعكس بشكل إيجابي على الدول العربية ككل. فعندما تتعافى سوريا على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية، فإن تأثير ذلك يتجاوز حدودها ليساهم في حل كافة ملفات المنطقة، بما في ذلك القضية الفلسطينية التي تعتبر أحد أهم القضايا المحورية في العالم العربي. هذه القراءات الإيجابية، سواء كانت من قبل الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية أو حتى الدول العربية، تأتي ولو متأخرة لتعكس يقين هذه الأطراف بأهمية إعادة النظر في الأوضاع في سوريا وإدراك الدور المحوري الذي تلعبه في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
وفيما يتعلق بملف اللاجئين، أشار الدكتور حربا إلى أن الولايات المتحدة تستخدم هذا الملف كورقة ضغط على الحكومة السورية. يتم استغلال مؤتمر بروكسل، الذي من المفترض أن يناقش قضايا اللاجئين والمساعدات الإنسانية، للضغط على دمشق بطرق متعددة. وأوضح حربا أن الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين، مثل تركيا والأردن ولبنان، تخضع لضغوط أمريكية تجعلها تتبنى سياسات تمنع عودة هؤلاء اللاجئين إلى وطنهم. وفقًا لحربا، هناك شرطان أساسيان لعودة اللاجئين: الأول هو توفر الإرادة السياسية لدى الدول المستضيفة، حيث أن هذه الدول تستفيد من بقاء اللاجئين على أراضيها بطرق مختلفة. والثاني هو رغبة اللاجئين أنفسهم في العودة، وهذه الرغبة تتطلب توفير بنية تحتية ملائمة لاستقبالهم، وهي بنية تحتية غير متوفرة حاليًا بسبب العقوبات الغربية والحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة عبر قانون قيصر.
وأضاف الدكتور حربا أن المشكلة الكبرى التي تواجه سوريا ليست قضية اللاجئين بحد ذاتها، بل الوجود الأمريكي غير الشرعي والاحتلال التركي لأجزاء من سوريا. يعتبر هذا الاحتلال هو الجذر الأساسي للمشاكل المتعددة التي تعاني منها البلاد. وأوضح أن القوات الأمريكية الموجودة في سوريا تعمل على دعم الميليشيات المحلية مثل ميليشيا قسد، وتقوم بسرقة الموارد الطبيعية السورية مثل النفط والقطن والقمح والماء. هذه السرقات تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزيد من معاناة الشعب السوري. لذلك، فإن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيكون خطوة أساسية لحل العديد من المشاكل، حيث سيتلاشى مشروع ميليشيا قسد بشكل طبيعي عند رحيل الداعم الرئيسي لها.
وأكد حربا أن موضوع اللاجئين يُستخدم كأداة للضغط على الدولة السورية من النواحي السياسية والإنسانية والاجتماعية. الحكومة السورية حريصة على مصالح اللاجئين السوريين وتسعى لحل مشكلاتهم بطرق تضمن عودتهم الكريمة والآمنة إلى وطنهم. ولفت إلى أن جهود الحكومة السورية تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية وتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين، ولكن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات الغربية التي تعيق تنفيذ المشاريع التنموية اللازمة.
وأشار حربا إلى أن إنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي في سوريا هو خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار الداخلي والإقليمي. وأكد أن سوريا، بمجرد استعادتها لسيادتها الكاملة، ستكون قادرة على لعب دور أكبر في دعم قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتعزيز العلاقات العربية البينية على أسس التعاون والتكامل الاقتصادي والسياسي. هذه الأهداف لن تتحقق إلا من خلال رؤية واضحة وإرادة سياسية مشتركة بين الدول العربية لإعادة بناء سوريا ودعمها في مواجهة التحديات المختلفة التي تعترض طريقها نحو الاستقرار والتنمية.