في حديث لشبكة شام نيوز إنفو، أعرب اللواء المتقاعد الدكتور سليم حربا، الباحث والخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، عن رأيه بأن ما يحدث في أوكرانيا هو حرب أمريكية أطلسية ضد روسيا، يدفع ثمنها الشعب الأوكراني. وأكد أن العدوان الأطلسي على سيفاستوبول يحمل رسائل سياسية وعسكرية واضحة. الرسالة الأولى تكمن في أن أنظار أوكرانيا والناتو لا تزال متجهة نحو جزيرة القرم الروسية، حيث يعتبر ميناء سيفاستوبول، الواقع على البحر الأسود، نقطة استراتيجية بالغة الأهمية. هذا البحر يُوصف بأنه بحر المصالح، مما يجعل الصراع عليه يحتدم بين روسيا والناتو.
الرسالة الثانية ذات بعد عسكري، حيث تحاول إظهار قدرة أوكرانيا على توجيه ضربات قوية لروسيا، بما في ذلك استهداف جسر القرم لأهميته الاستراتيجية. وأوضح الدكتور حربا أن تنفيذ هذا الهجوم من حيث تحديد الإحداثيات وقيادة الأسلحة كان أمريكياً بامتياز، مما يعني أن ما حدث هو عدوان أمريكي انطلق من الأراضي الأوكرانية.
وفيما يتعلق بنتائج الحرب في أوكرانيا، أكد اللواء حربا أنها محسومة لصالح روسيا، مشيراً إلى أن أمريكا والناتو لن يتمكنا من تغيير موازين القوى على الأرض، وهو ما يزيد من دور روسيا على الساحة الدولية. وأشار إلى أن الولايات المتحدة اعترفت بأنها زودت أوكرانيا بمليون قنبلة عنقودية من أصل ثلاثة ملايين في مخازنها، مع إمكانية زيادة هذا العدد.
وأضاف حربا أن تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى مثل هيمارس الأمريكية، وهي صواريخ دقيقة التوجيه والإصابة، يزيد من تعقيدات الموقف. كما أن الأخطر من ذلك هو إعلان أمريكا عن تزويد أوكرانيا بطائرات إف-16، وربط هذه الطائرات بمنظومة طائرات الناتو، مما يرفع مستوى التهديد لروسيا. وأوضح أن لهذا الهجوم أبعاداً عسكرية واقتصادية، حيث يزدهر قطاع السياحة في القرم، وأن الهجوم جاء رداً على زيارة الرئيس بوتين الناجحة إلى الصين وكوريا الديمقراطية، وتأكيد الشراكة بين بكين وموسكو.
وعن مؤتمر السلام حول أوكرانيا الذي عقد في سويسرا، أكد حربا أن أمريكا هي من عقدت هذا المؤتمر بهدف استنزاف روسيا على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية. ولفت إلى أن روسيا لم تُدعَ لحضور المؤتمر، وأن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أشار إلى أن الغرب يتدخل دائماً لإفشال أي اتفاق بين روسيا وأوكرانيا، بهدف خوض الحرب ضد روسيا بالوكالة حتى آخر أوكراني. وأشار حربا إلى امتناع السعودية عن حضور المؤتمر، بينما أرسلت الصين ممثلاً ضعيفاً ولم توقع على البيان الختامي.
وأكد حربا أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كانت ضرورية من منظور الأمن القومي الروسي، لمواجهة التمدد المرعب للناتو، الذي يعتبر أوكرانيا خنجراً في ظهر روسيا لعزلها وتضييق الخناق حولها. وأوضح أن هذه العملية كانت دفاعاً وقائياً عن المصالح الروسية.
وعن شروط السلام التي طرحها الرئيس بوتين، أكد حربا أن بوتين حدد مطالب وشروط روسيا بدقة، مشيراً إلى أن الجيش الروسي سيؤمن الحماية للجيش الأوكراني الذي سينسحب من المقاطعات الروسية الأربعة. وجدد التأكيد أن أمريكا رفضت مبادرة السلام الروسية، وأن أوكرانيا لا تملك قرار القبول أو الرفض، وإنما أمريكا هي التي رفضت المبادرة الروسية.
وأشار حربا إلى أن الرد الروسي سيكون عسكرياً لتدمير مستودعات الذخائر التي أرسلها الناتو لأوكرانيا، وأن الجيش الروسي بدأ يستهدف نقاط التماس على جبهة خاركوف. ونقل عن بوتين قوله إن معركة لينينغراد علمته أن البداية بالضرب تكون أكثر فاعلية، وأكد حربا أهمية الضربة الأولى أو الضربة الاستباقية، مشيراً إلى أن روسيا تمتلك زمام المبادرة ولديها أوراق كثيرة للتفاوض.
استبعد اللواء حربا استخدام الأسلحة النووية في الحرب ضد أوكرانيا، مؤكداً أن روسيا قادرة على تحقيق أهدافها العسكرية باستخدام الأسلحة التقليدية، وأن استخدام النووي لن يحقق أي ربح للطرفين. وأكد أن الأسلحة النووية هي للردع بالدرجة الأولى، وأن امتلاك هذا السلاح بحد ذاته يكون رادعاً للعدو. وأوضح أن واشنطن تسعى من خلال هجماتها إلى جعل نظام كييف يتحسب من استخدام روسيا للسلاح النووي، مؤكداً أن أي سوء تقدير من الناتو سيؤدي إلى كارثة.
وبعد سنتين من التدخل المباشر من قبل الولايات المتحدة، أكد حربا أن أمريكا فشلت في تحقيق أي إنجاز استراتيجي في أوكرانيا. وكانت نقطة التحول الاستراتيجية هي فشل الهجوم الأوكراني المعاكس العام الماضي، مما أكد عجز أمريكا عن منع روسيا من استعادة موقعها كدولة عظمى فاعلة في مواجهة المشروع الأمريكي في شرق أوروبا.
وشدد اللواء حربا على أن انتصار روسيا وسوريا في الحرب على الإرهاب كان له دور كبير في عودة روسيا إلى المسرح الدولي. هذه الحرب مكنت روسيا من اكتساب خبرات قتالية، حيث أن القادة والضباط الذين يقودون الحرب في أوكرانيا كانوا يعملون في سوريا ويشاركون في الحرب على الإرهاب هناك. وأكد حربا أن الحرب في أوكرانيا محسومة لصالح روسيا، وأن التعاون الاستراتيجي بين الصين وروسيا يعزز من قدرتهما على التصدي للتصرفات الأمريكية.
وأوضح حربا أن روسيا استعادت قوتها بعد فترة من الانكفاء خلال التسعينات، وأصبحت تعود بقوة انطلاقاً من سوريا، حيث حققت إنجازات كبيرة أحرجت الولايات المتحدة. وأضاف أن أمريكا فشلت في تحقيق أهدافها في سوريا، وأنها تقترب من فقدان مصالحها في منطقة الشرق الأوسط.