أكد اللواء المتقاعد سليم حربا، الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، في حديث لشبكة شام نيوز إنفو أن تحسين العلاقات بين أنقرة ودمشق يمثل حاجة وضرورة تركية. هذا التوجه جاء بعد زيارة وزير الخارجية التشيكية، الذي كان مبعوثا للاتحاد الأوروبي، وجاء أيضا بعد الانفتاح العربي على سورية وإلغاء الانتخابات التي كانت ميليشيا قسد تنوي إجراؤها. أشار حربا إلى أن اللاجئين في تركيا أصبحوا عبئا كبيرا على البلاد، إضافة إلى أن المجموعات الإرهابية في إدلب كانت مشروعا تركيا، مما يشكل إحراجا لأنقرة.
تركيا، وفق حديث حربا، تدرك أن بوابة دخولها إلى العالم العربي هي سورية، وأن متنفسها الجغرافي والاستراتيجي هو عمليا غرب آسيا. العلاقة مع دمشق ليست مجرد خطوة سياسية، بل هي ضرورة استراتيجية تمليها الظروف الإقليمية والدولية الحالية. تركيا تجد نفسها مضطرة للتكيف مع المتغيرات في المنطقة، خاصة في ظل الضغوط التي تواجهها من عدة جوانب، سواء كانت اقتصادية أو سياسية.
حربا أوضح أن تركيا، في ميزان الربح والخسارة، ستربح الكثير من إعادة علاقاتها مع سورية. الفوائد تشمل تحقيق الاستقرار على حدودها الجنوبية، تقليل التوترات مع دمشق، وفتح مجالات جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي مع الدول العربية. ولكن لتحقيق ذلك، تركيا بحاجة لقبول شروط دمشق، والتي تشمل سحب قواتها من سورية ووقف دعم الجماعات الإرهابية والتدخل في الشؤون الداخلية السورية.
أضاف حربا أن الانفتاح العربي على سورية يعزز من أهمية تحسين العلاقات بين أنقرة ودمشق. الدول العربية بدأت ترى في سورية شريكا استراتيجيا مهما في مواجهة التحديات المشتركة في المنطقة، وهذا يضع تركيا أمام خيار استراتيجي مهم: إما الانضمام إلى هذا التوجه والاستفادة من التعاون الإقليمي، أو البقاء معزولة سياسيا.
زيارة وزير الخارجية التشيكية، مبعوث الاتحاد الأوروبي، تشير إلى اهتمام دولي متزايد بإيجاد حلول للأزمات في المنطقة. الاتحاد الأوروبي، من جانبه، يسعى لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، وهذا يشمل دعم الجهود لتحسين العلاقات بين الدول المتنازعة. تركيا، بإعادة بناء علاقتها مع سورية، يمكن أن تلعب دورا مهما في هذه الجهود، مما يعزز من مكانتها الدولية ويتيح لها دورا أكبر في صياغة سياسات المنطقة.
من ناحية أخرى، يظل التحدي الأكبر أمام تركيا هو كيفية التعامل مع المجموعات الإرهابية في إدلب. هذه المجموعات، التي كانت جزءا من مشروع تركي، أصبحت الآن عبئا استراتيجيا، حيث يشكل وجودها تهديدا مستمرا للأمن التركي والسوري على حد سواء. قبول الشروط السورية بسحب الدعم لهذه الجماعات يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين العلاقات الثنائية وفتح صفحة جديدة من التعاون.
في الختام، تحسين العلاقات بين تركيا وسورية ليس مجرد خيار سياسي، بل هو ضرورة استراتيجية تمليها الظروف الإقليمية والدولية. تركيا، بقبولها شروط دمشق وسحب قواتها ووقف دعم الإرهاب، يمكن أن تستفيد كثيرا من استقرار المنطقة، وتفتح آفاقا جديدة للتعاون مع الدول العربية والاتحاد الأوروبي. هذا التعاون يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة، ويعزز من مكانة تركيا كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط.