أكد الدكتور سليم حربا، الباحث والخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، في مقابلة مع شبكة شام نيوز على إذاعة ميلودي إف إم، على أن أساس المصالحة بين سوريا وتركيا يجب أن يُبنى على القواعد التي تحكمها القوانين الدولية واحترام سيادة الدول على كامل أراضيها، كما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة ومخرجات اجتماعات أستانا التي كانت تركيا حاضرة وعضواً فيها.
حربا أوضح أن إعادة العلاقات مع تركيا، كما أكد الرئيس بشار الأسد ووزارة الخارجية السورية في عدة مناسبات، تتطلب توفير المتطلبات الضرورية واللازمة لإنجاح هذه الجهود. وأشار إلى أن إزالة الاحتلال التركي من الأراضي السورية هو الأساس الأول لهذه المتطلبات، حيث وصف الاحتلال التركي بأنه شكل شاذ من أشكال العلاقة الطبيعية بين الدول. بالإضافة إلى ذلك، يجب وقف دعم المجاميع الإرهابية التي مولتها ودربتها تركيا واستثمر فيها النظام التركي.
فيما يتعلق بالمصادمات بين الجيش التركي والمجموعات المسلحة، أكد حربا أن العلاقات السورية التركية كانت في أفضل حالاتها قبل العدوان على سوريا، مشيراً إلى أن النظام التركي خان هذه العلاقة ببناء مخيمات قبل حدوث أي شيء في سوريا، مما يدل على نوايا مبيتة. وأكد على أهمية التحضير الجيد لأي لقاء بين الرئيسين الأسد وأردوغان، محذراً من أن فشل هذا اللقاء قد يؤدي إلى نتائج كارثية.
تساءل حربا عن الأسباب التي دفعت أردوغان إلى هذا الانعطاف الحاد في موقفه، مشككاً في إيمان النظام التركي بخطأ مواقفه على مدى 12 عاماً من التدخل في الشأن الداخلي السوري ودعم الإرهاب. ودعا حربا أردوغان إلى إزالة أسباب أخطائه، مشدداً على أن التصريحات وحدها لا تكفي، بل يجب ترجمتها إلى أفعال على أرض الواقع.
أشار حربا إلى أن أسباب الاستدارة التركية تتعلق بنظام أردوغان وحزبه العدالة والتنمية ونتائج الانتخابات المحلية التي أدت إلى تقدم حزب الشعب الجمهوري، بالإضافة إلى أزمة اللاجئين السوريين والتحركات العنصرية ضدهم. كما أن وجود المجموعات الإرهابية في شمال حلب وإدلب، والاتهامات الدولية لتركيا بدعم هذه المجموعات، دفع أردوغان إلى إعادة النظر في سياساته.
كما أكد حربا أن أردوغان توصل إلى قناعة بعدم تمكنه من تفكيك ميليشيا قسد والمجموعات الإرهابية بدون التعاون مع الدولة السورية والعراق، مشيراً إلى أن المساعي العراقية لاستضافة اللقاء الأمني الأول بين تركيا وسوريا تأتي بسبب الهواجس الأمنية المشتركة. وأكد على أهمية دور العراق في هذا السياق، حيث نجح سابقاً في رعاية الحوار بين السعودية وإيران.
وأشار حربا إلى أن تعافي سوريا على جميع المستويات وعودة العلاقات السورية العربية إلى التطور بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بالإضافة إلى المؤشرات على عودة العلاقات السورية مع أوروبا، دفعت أردوغان إلى إعادة حساباته. وأوضح أن تغير خارطة الموازين الدولية، مع تشكل محور المقاومة الذي يضم روسيا والصين وأمريكا اللاتينية، دفع أردوغان إلى محاولة الانضمام إلى هذا الحلف بعد فشل تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
كما أكد حربا أن أردوغان يبدو محاصراً على المستويين السياسي والاقتصادي، وأنه يتبع أسلوباً خاطئاً في مقاربة المشكلة الكردية. ودعا أردوغان إلى سحب القوات التركية من الأراضي السورية ووقف دعم الإرهاب بكل أشكاله، مؤكداً عدم وجود معارضة مسلحة معتدلة في سوريا.
فيما يتعلق بالتعويضات عن ما سرقته تركيا من معامل وآثار سورية، شدد حربا على ضرورة محاسبة تركيا على تدميرها الممنهج في سوريا، وتحملها مسؤولية إعادة التعويض والإعمار وفق القانون الدولي.
وحول دعوة أردوغان للرئيس الأسد لزيارة أنقرة خلال اجتماع الناتو في واشنطن، أوضح حربا أن هناك أطرافاً مستفيدة وأخرى متضررة من هذا اللقاء. وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المتضرر الرئيسي من عودة العلاقات، لأن الانسحاب التركي من سوريا سيؤدي إلى انسحاب أمريكا وتفكك ميليشيا قسد.
وأشار حربا إلى أن روسيا تلعب دور الضامن والميسر في مسار أستانا، مشيراً إلى تشابك المصالح الاقتصادية بين روسيا وتركيا. وأكد أن روسيا وإيران تتفقان إلى حد كبير مع الرؤية السورية، ويعملان على تطبيق المتطلبات السورية لإنجاح اللقاء بين الأسد وأردوغان.
ختاماً، أكد حربا على أهمية وضع خارطة طريق واضحة لعقد لقاء بين الرئيسين، تتضمن بدء الانسحاب التركي من سوريا ووقف دعم المجموعات الإرهابية. وأعرب عن اعتقاده بأن المناخات لم تنضج بعد لعقد هذا اللقاء، مؤكداً على ضرورة التحضير الجيد لتحقيق نتائج إيجابية ومستدامة.