في ظل تعقيدات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تتجلى معالم جديدة تتبلور مع اقتراب الانتخابات الأمريكية. يشير الدكتور محمود عبد السلام، الباحث والمحلل السياسي، في حديثه لشبكة “شام نيوز إنفو” عبر إذاعة “ميلودي إف إم”، إلى أن خروج الرئيس الأمريكي جو بايدن من السباق إلى البيت الأبيض قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في عدة ملفات، خاصة ملف الصراع في فلسطين.
عبد السلام يؤكد أن الكثير من الملفات سيتم حلها بعد خروج بايدن، موضحاً أن الحزب الديمقراطي بقيادة بايدن كان متطرفاً في سياساته تجاه الصين، أوكرانيا، وفلسطين. ويرى أن الحزب الجمهوري، بزعامة دونالد ترامب، ربما يكون أكثر عقلانية في التعاطي مع القضية الفلسطينية، رغم أن ترامب كان أول من اعترف بضم الجولان والقدس إلى كيان الاحتلال، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ورفض حق العودة للفلسطينيين.
ما يخشاه نتنياهو، وفقاً لعبد السلام، هو عدم تمكنه من هزيمة حماس قبل موعد الانتخابات الأمريكية، مما قد ينقل هزيمته إلى الرئيس الأمريكي القادم. نتنياهو، الذي يقف أمام تحديات داخلية وخارجية، يعتمد على ضمانات من الولايات المتحدة لبقاء حكومته إذا انسحب المتطرفون منها. ولكن هذا لا يمنع أن يتجه نحو تصعيد عسكري في غزة والضفة الغربية لضمان بقائه في السلطة.
في هذا السياق، أشار عبد السلام إلى أن الطبيعة الشرسة للحرب في غزة أوقعت خسائر فادحة في الجانب الإسرائيلي، حيث فقدت إسرائيل أكثر من ألف وخمسمائة دبابة وعربة قتالية، بالإضافة إلى خسائر بشرية ونفسية كبيرة. ومع تزايد الضغط العسكري، أصبح خيار نتنياهو صعباً بين الاستمرار في التصعيد أو الرضوخ للمطالب الداخلية والخارجية بوقف إطلاق النار.
بالنسبة للضفة الغربية، يشير عبد السلام إلى أن حكومة نتنياهو تستهدف تدمير المنطقة من خلال السماح للطائرات بقصفها، في محاولة لبسط السيطرة عليها وتقسيمها إلى مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. هذه السياسات تشير إلى محاولة إسرائيل إعادة توطين واستيطان جديدة، مما يعني استباحة الدولة الفلسطينية المحتملة.
على الجانب الآخر، الفشل الإسرائيلي في غزة أدى إلى تصاعد التوتر في جبهات الدعم مثل اليمن، التي قصفت تل أبيب. المقاومة اليمنية وأذرع المقاومة الأخرى في العراق وسوريا أثبتت قدرتها على توجيه ضربات موجعة لإسرائيل، مما يزيد من تعقيد المشهد العسكري والسياسي في المنطقة.
في الختام، عبد السلام يرى أن إسرائيل لم تستفد من دروسها السابقة، حيث أن التوجه نحو تدمير كل شيء لم ينجح في سوريا، وقد يكرر الإسرائيليون نفس الخطأ في غزة. الشعب الفلسطيني، كما يقول، مستعد للتضحية بكل شيء دفاعاً عن كرامته وحقوقه. هذا الصراع، الذي أثبت فيه الفلسطينيون والمقاومة قدرتهم على الصمود، قد يفرض على إسرائيل إعادة النظر في سياساتها قبل أن تجد نفسها في موقف لا تستطيع السيطرة عليه.
في نهاية حديثه، يشير عبد السلام إلى أن ما حدث في غزة من مجازر قد أدى إلى انقلاب في الرأي العام العالمي، حيث أصبحت القضية الفلسطينية أكثر دعماً بفضل تعاطف العالم مع ضحايا العنف الإسرائيلي. هذا التحول قد يكون له تأثير بعيد المدى على مستقبل الصراع، حيث يثبت الفلسطينيون أنهم قادرون على تغيير المعادلات رغم كل الصعوبات.