أكد الدكتور حسن حسن، الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، في حديثه مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، أن اللقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو بمناسبة الذكرى الثمانين للعلاقات السورية الروسية يعيدنا إلى أسس العلاقات التي ضمنت استمرارها رغم سقوط الاتحاد السوفييتي. وأشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعد قلب العالم، وأن من يسيطر على هذا القلب يمتلك قدر العالم، مما يفسر استماتة القوى العظمى للسيطرة على المنطقة. هذا النزاع هو نزاع نفوذ وقوة.
في بداية السبعينات، كانت مصر وسوريا من أهم ركائز القوة للاتحاد السوفييتي، واليوم بقيت سوريا هي البوابة الوحيدة المتاحة أمام روسيا، ولذلك جاء الاهتمام الروسي الكبير والدعم الواسع لسوريا. وأكد الدكتور حسن أن سوريا حرصت على استمرار العلاقات مع روسيا الاتحادية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، في وقت تراجعت فيه علاقات روسيا مع العديد من الدول التي كانت متحالفة مع الاتحاد السوفيتي.
في عام 2000، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، انطلق المحافظون الجدد في أمريكا ولم يعد هناك أي خطر أو تهديد يُذكر. وأشار الدكتور حسن إلى أن بعض المفكرين قالوا إن انهيار الاتحاد السوفييتي أفقد أمريكا أهم ورقة قوة وهي البحث عن عدو. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لم يعد هناك حلف وارسو، مما دفع أمريكا للبحث عن عدو بديل، وكان هذا العدو هو الإرهاب الإسلامي، وذلك لضرب الإسلام ببعض المسلمين ولضرب العروبة ببعض العرب.
وأكد الدكتور حسن أن أمريكا تصرفت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكأنها قدر لا يحق لأحد الوقوف بوجهها. احتلت أفغانستان والعراق من خارج الشرعية الدولية، وعندما أصبح الاحتلال أمر واقع، تم الاعتراف به. في ذلك الوقت، كانت روسيا تحاول استعادة عافيتها، وبدأ الرئيس بوتين بملاحقة الأوليغارشيا الروسية وحرر القرار الروسي. جاءت مطالبة كولن باول لسوريا بعد اجتياح العراق، وكانت أمريكا على حدود سوريا ولديها 250 ألف جندي في العراق، ولم يكن يتوقع أحد أن سوريا يمكن أن تقول لا لأمريكا، لكنها قالت لا، مؤكدين على ثوابتهم ورفضهم للقبول بما يريده الآخرون.
في عام 2006، صدر القرار 1959 وخرجت القوات السورية من لبنان. وأكد الدكتور حسن أن العدو اشتغل على كي الوعي، وبدأت في عام 2010 أعاصير ما يسمى بالربيع العربي في تونس وليبيا ومصر. وتساءل الدكتور حسن لماذا تضحي أمريكا بأهم حلفائها، مشيرًا إلى أن ما حدث كان جزءًا من الحرب على الوعي لخلق ثورات ظاهرية في المنطقة.
أشاد الدكتور حسن بصمود سوريا رغم كل التحديات التي واجهتها منذ 2011 وحتى 2015، مؤكداً أن الدعم الروسي لسوريا جاء بعد تصاعد الهجوم عبر الإرهاب التكفيري مثل داعش وجبهة النصرة. وأشار إلى تصريحات الرئيس بوتين التي أكدت أن دخول روسيا إلى سوريا لمحاربة الإرهاب وفر على موسكو مواجهة الإرهابيين في شوارعها.
أكد الدكتور حسن أن التدخل الروسي غير معالم كثيرة ليس فقط في الجغرافيا السورية، بل في معالم مشروع الفوضى الخلاقة ونظرية الشرق الأوسط الكبير الأمريكية. هذا المشروع الأمريكي الذي كان يسعى لتفتيت البنى السياسية في المنطقة وإعادة تركيبها وفق أسس عرقية وإثنية، تعثر على الجغرافيا السورية. وعندما طلبت سوريا من روسيا التدخل، تغيرت الصورة وارتفعت حدة الاشتباك، مؤكداً أن القطب الأوحد الذي كان يتفرد بالقرار العالمي لم يعد يتحكم بالقرار الدولي.
استخدمت روسيا والصين الفيتو لمنع الاستفراد بسوريا، واستخدمت روسيا الفيتو 18 مرة، والعديد من المرات بشكل مزدوج. واعتبر الدكتور حسن أن الفيتو المزدوج كان العلامة الأولى على أن السير بالقطبية الأحادية وصل إلى حائط مسدود.