في حوار مع شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، قدم المحلل السياسي الأستاذ أحمد يوسف تحليلاً شاملاً للأحداث الراهنة، مؤكداً على حتمية الرد الإيراني ورد حزب الله على عمليات الاغتيال التي طالت الضاحية الجنوبية في لبنان وطهران. إلا أنه أشار إلى وجود مستجدات دولية تسببت في تأخير هذا الرد، أبرزها الدور الروسي المتزايد في مواجهة المخططات الغربية.
أوضح يوسف أن روسيا أصبحت مقتنعة تماماً بأن الغرب يسعى إلى تدميرها، ما دفعها للانخراط بشكل أكبر في تسليح الأطراف المناهضة للولايات المتحدة، كرد مباشر على دعم الغرب لأوكرانيا. وقد تزامنت زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى إيران مع عمليات نقل واسعة للأسلحة الروسية إلى طهران، بما في ذلك منظومات الدفاع الجوي S-400. هذه الخطوة تمثل تغييراً في الموقف الروسي، الذي كان يتردد سابقاً في تزويد إيران بهذه الأنظمة للحفاظ على توازن القوى، ولكن التطورات الأخيرة دفعت موسكو إلى تسريع هذه العملية.
كما تناول يوسف المستجدات المتعلقة بدخول القوات الأوكرانية إلى مقاطعة كورسك الروسية، مؤكداً على أن الأحداث في أوكرانيا لا يمكن فصلها عن التوترات في منطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى أن تأخير الرد الإيراني ليس سوى جزء من الحرب النفسية التي يمارسها محور المقاومة ضد إسرائيل، ولكن الأوضاع في أوكرانيا وكورسك ستدفع روسيا إلى مزيد من الانخراط في دعم محور المقاومة، ليس بشكل مباشر ولكن عبر تعزيز الأمور اللوجستية وتزويدهم بالمزيد من الأسلحة.
وعند سؤاله عن احتمالات قيام إسرائيل بضربة استباقية، وصف يوسف هذه الفكرة بالتهويل، معتبراً أن إسرائيل في ورطة كبيرة. فالقيام بمثل هذه الضربة سيترتب عليه نتائج كارثية على إسرائيل نفسها، نظراً لأن المسافة الجغرافية بين إيران وكيان الاحتلال كبيرة، وتتطلب فتح الأجواء لتنفيذها. بالإضافة إلى ذلك، هناك معارضة قوية من الإدارة الأمريكية لأي تصعيد إسرائيلي قد يفتح أبواب جهنم على كيان الاحتلال.
فيما يتعلق بالمفاوضات المزمع عقدها بين إسرائيل والوسطاء في واشنطن والقاهرة والدوحة، أشار يوسف إلى أن دعوة واشنطن لاستئناف المفاوضات في وقت تعيش فيه المنطقة حالة من الاستنفار بانتظار الرد الإيراني، ليس إلا محاولة لوضع عراقيل أمام هذا الرد. إذ يهدف الغرب إلى إلقاء اللوم على محور المقاومة إذا ما فشلت المفاوضات نتيجة لهذا الرد. ولكنه أكد على أن قيادات محور المقاومة تدرك جيداً هذه اللعبة، وهم أذكى من أن يقعوا في فخ مثل هذه المخططات، حيث سيختارون التوقيت المناسب للرد ويفشلون كل المخططات الغربية والإسرائيلية.
فيما يخص تراجع إسرائيل وأمريكا عن اتفاق الثاني من تموز، أوضح يوسف أن هذا التراجع كان متوقعاً، فلو كان هناك قانون دولي عادل، لكان المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون أمام محكمة العدل الدولية الآن. وتطرق إلى طبيعة المعركة الحالية التي لا تسمح بأي نوع من الاتفاق، حيث أن توقيع اتفاقية في هذه الظروف سيكون بمثابة إقرار إسرائيلي وأمريكي بالهزيمة، وهو ما لا يمكن أن يقبله نتنياهو أو اليمين المتطرف في إسرائيل.
كما لفت يوسف النظر إلى أن التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى وارتكاب المجازر يأتي نتيجة اليأس الإسرائيلي ومحاولتهم الهروب إلى الأمام. وأشار إلى أن نتنياهو يراهن على جر الولايات المتحدة إلى حرب واسعة، حيث يتمنى أن تكون واشنطن هي رأس الحربة في هذا الصراع. لكن يوسف شكك في قدرة الولايات المتحدة على خوض حرب واسعة في ظل التحديات التي تواجهها، مستشهداً بما حدث في البحر الأحمر عندما تمكنت مجموعة من اليمنيين من استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “إيزنهاور”، التي تعتبر فخر الجيش الأمريكي. إذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة على حماية نفسها أمام أنصار الله، فكيف ستتمكن من مواجهة روسيا أو الصين؟
كما أشار يوسف إلى ازدواجية المعايير الغربية، حيث تتجاهل الدول الغربية المجازر الإسرائيلية وتطالب إيران ومحور المقاومة بعدم الرد، واصفاً ذلك بالوقاحة. وأكد أن محور المقاومة يراكم الانتصارات وسيكون قادراً على الرد على أي اعتداء إسرائيلي في الوقت المناسب، مشيراً إلى أن الرد قادم ولا شيء يمكن أن يمنعه. كما ذكر أن بريطانيا وفرنسا، اللتين فقدتا مكانتهما كقوى عظمى بعد العدوان الثلاثي في 1956، تعيشان الآن نهاية دورهما كدول عظمى مع انطلاق عملية طوفان الأقصى. وألمح إلى أن القوى العظمى الجديدة ستظهر على الساحة الدولية قريباً، في إشارة إلى التغيرات الكبيرة التي يشهدها النظام العالمي.