أكد المحلل السياسي مصطفى المقداد، النائب السابق لاتحاد الصحفيين في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أن المفاوضات بين حماس وإسرائيل تتسم بتعقيدات وتشابكات متعددة، مع عامل ثابت يتمثل في عدم رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التوصل إلى اتفاق حقيقي.
في الجولات السابقة من المفاوضات، تم التوصل إلى اتفاقات وصفتها الولايات المتحدة بأنها “معقولة”، وهدفت بشكل رئيسي إلى استعادة الأسرى، وهو الهدف الذي يسعى إليه الغرب. لكن مسألة الانسحاب من غزة أو التوصل إلى اتفاق نهائي ظلت رهينة بموقف نتنياهو. هذا الأخير، بحسب المقداد، مختلف مع وزرائه وضباطه، وطالبهم بعدم التصريح بشأن المفاوضات، مؤكدا عدم رغبته في استمرارها.
على الجانب الآخر، أظهرت حماس مرونة في التعامل مع الشروط، مع التأكيد على رغبتها في الحفاظ على أرواح الأسرى المحتجزين لديها. وقد وصفت تعاملها مع الأسرى بالإنساني، كما أكد ذلك الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم. وأوضح المقداد أن حماس، عبر هذه المواقف، حاولت استغلال اللعبة السياسية والإعلامية أمام الإعلام الغربي الذي تم تصميمه للتأثير على الرأي العام الغربي وتقديم إسرائيل كدولة ديمقراطية وحضارية ومظلومة في المنطقة.
نتنياهو، من جهته، يبدو غير راغب في سحب قواته من غزة، مفضلاً إيقاف القتال لفترة محدودة فقط ليترك لنفسه حرية التحرك، بينما يسعى إلى القضاء على ما يسميه “الإرهاب الفلسطيني”. ويشير المقداد إلى أن الارتفاع الكبير في عدد الشهداء الفلسطينيين إلى أربعين ألفاً، والمصابين إلى أكثر من مئة ألف، يمثل “محرقة حقيقية”، وهو ما يبرز حجم الجريمة التي ترتكبها إسرائيل.
وبعد اغتيال هنية، أوصلت الحركة رسالة قوية باختيار يحيى السنوار كقائد جديد، مشددة على تشددها في التعامل مع المفاوضات، مما أظهر كذب الإعلام الإسرائيلي حول مقتل محمد ضيف. ورغم اغتيال القادة، يؤكد المقداد أن حماس مستمرة في نهجها، وأن اغتيال قائد لن يغير شيئا.
من جانبه، يشير المحلل السياسي غسان محمد، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إلى أن بيان نتنياهو الأخير قبل وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يهدف إلى زرع الألغام في طريق المفاوضات المرتقبة في القاهرة. كما أشار إلى تصريح وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي حذر من تضييع الفرصة الأخيرة لإطلاق الأسرى ووقف إطلاق النار، معتبرا أن إنقاذ إسرائيل من المأزق الذي تواجهه في غزة يتطلب وقف القتال، رغم إضافة نتنياهو شرطا جديدا يسمح باستئناف الحرب حتى بعد التوصل إلى اتفاق.
في النهاية، تشير تصريحات المحللين الإسرائيليين إلى أن الرهان على القوة العسكرية رهان خاسر وخطير، قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة، فيما تؤكد تصريحات جيش الاحتلال أنه لم يعد هناك أهداف على الأرض، في محاولة لتثبيت معادلة الردع التي فرضتها المقاومة الفلسطينية. ومع تصاعد الخلافات بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، فإن الوضع الداخلي الإسرائيلي يزداد تعقيدا، خاصة مع فقدان أكثر من 70% من الإسرائيليين ثقتهم بقيادتهم السياسية، في حين تحاول بعض وسائل الإعلام العبرية الترويج أن نتنياهو لا يزال يتمتع بالأغلبية.