في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على هواء إذاعة ميلودي إف إم، تناول الأستاذ مصطفى المقداد، النائب السابق لرئيس اتحاد الصحفيين، أبرز المستجدات في الساحة الدولية، وخاصة فيما يتعلق بموقف روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين من الأزمة الأوكرانية والتحديات التي تواجهها في هذا السياق.
المقداد أشار في حديثه إلى أن بوتين، رغم الضغوط الكبيرة، يتجنب الانجرار إلى التصعيد الذي تسعى إليه الولايات المتحدة باستخدام العنف المفرط. وأوضح أن الإعلان عن دخول القوات الروسية إلى دونباس كان خطوة استباقية تهدف إلى منع تفاقم الوضع الذي قد يتطلب استخدام القوة المفرطة. فروسيا، التي تمتلك قدرات عسكرية هائلة، لا تزال تضبط النفس منذ أكثر من سنتين وسبعة أشهر، وتحرص على عدم استخدام تلك القوة إلا في حالات الضرورة القصوى. العملية التي بدأت كعملية عسكرية خاصة في دونباس تطورت لتشمل مناطق أخرى، مما يعكس تعقيد الوضع على الأرض.
المقداد لفت الانتباه إلى أن الحرب الجارية أثرت بشكل كبير على أوروبا، التي تعاني من ويلات اقتصادية كبيرة، مرشحة للتفاقم. ورأى أن الغرب والولايات المتحدة سعوا لإيقاع روسيا في مستنقع استنزاف مستمر، ونجحوا إلى حد ما في ذلك. ومع ذلك، يعتقد المقداد أن الرد الروسي سيكون قاسيا، خاصة بعد التوغل الأوكراني في مناطق مثل كورسك. فهذه العمليات جعلت الحرب تدخل مرحلة جديدة أكثر خطورة، إذ تتصاعد التوقعات بأن روسيا سترد بقوة وتعيد الأمور إلى نصابها.
وحول محاولات الاعتداء على المحطات النووية في كورسك وزاباروجيه واتهام روسيا بذلك، أكد المقداد أن هذه الاتهامات هي جزء من حملة دعائية غربية معتادة، تهدف إلى تشويه صورة روسيا على المسرح الدولي. واستدل المقداد بتجربة سوريا، حيث كانت تروج الأكاذيب قبل حدوثها، ما يؤكد أن الغرب يعتمد هذه الاستراتيجية في محاولاته لتشويه الحقائق.
المقداد تطرق أيضا إلى الحديث عن العلاقات الأوروبية الأمريكية، مؤكدا أن أوروبا الغربية تفتقر اليوم إلى القادة الذين يتمتعون بكاريزما ورؤية وطنية مستقلة، مثلما كان الحال مع شخصيات مثل هيلموت كول وشارل ديغول. اليوم، أوروبا تبدو كمقطورة تجرها القاطرة الأمريكية، دون وجود قادة يستطيعون الوقوف ضد الهيمنة الأمريكية كما فعل ديغول في السابق.
وأخيرا، تناول المقداد التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تشهدها أوروبا، مع تصاعد التمييز العنصري والتعصب الديني والعرقي، مما يعكس تراجع القيم الأوروبية التقليدية التي كانت تعرف بالتوازن والمساواة وقبول الآخر. هذه التغيرات تمثل تحديا حقيقيا أمام المجتمعات الأوروبية التي كانت تفتخر بثقافتها التقدمية والانفتاح على العالم، ولكنها اليوم تشهد تراجعا نحو التعصب والانغلاق.
ويشير المقداد إلى أن هذه التحولات السلبية في الداخل الأوروبي، إلى جانب الضغوط الخارجية التي تتعرض لها القارة من الولايات المتحدة، تجعل من الصعب على أوروبا أن تلعب دورا مؤثرا ومستقلا على الساحة الدولية.