الصين تحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن استمرار الحرب في أوكرانيا وتدعو إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى مفاوضات السلام. وزيلينسكي في مغامرة جديدة بعد الهجوم على كورسك يهدد بقصف الأراضي الروسية بصواريخ باليستية.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتعمد الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته المرشحة للانتخابات كامالا هاريس استفزاز روسيا على نطاق واسع عبر إرسال المزيد من الأسلحة الغربية إلى نظام زيلينسكي النازي وتوريط أوروبا أكثر في معاداة روسيا، باعتبار الحرب في أوكرانيا في الأصل هي حرب أمريكية وغربية تهدف لخنق روسيا وتوسيع الناتو شرقًا ومحاولة لاستنزاف روسيا اقتصاديا ومنعها من القيام بدورها على الساحة الدولية ومعارضة مساعيها لإقامة نظام عالمي جديد أساسه القانون الدولي وقوة الشرعية الدولية كبديل للهيمنة الأمريكية ونظام الأحادية القطبية السائد منذ تفكك الاتحاد السوفييتي سابقا.
فقد تجاوزت الولايات المتحدة كل الخطوط الحمراء السابقة وزودت نظام كييف بطائرات إف 16، والتي احترقت إحداها في المعركة كما احترقت الدبابات الألمانية والأمريكية قبل ذلك. وقام زيلينسكي بإقالة قائد ما يسمى القوات الجوية بعد سقوط الطائرة بصاروخ باتريوت أمريكي.
ومع أن أوروبا هي التي تدفع الفاتورة الأغلى جراء استمرار الحرب في أوكرانيا، إلا أن المستشار الألماني أولاف شولتز لا يزال يتصرف بحقد وكراهية منقطعة النظير كما كان يتصرف هتلر اتجاه الروس. فيما اعتقلت فرنسا الروسي بافل دوروف مؤسس موقع تلغرام تحت حجج واهية لا يمكن فصلها عن الحملات الغربية المتصاعدة ضد روسيا ودورها وموقعها.
ومع أن المفاوضات هي النهاية الحتمية لأي حرب، إلا أن الوقت الآن للمعركة والجبهات المشتعلة في كورسك وفي جمهورية دونيتسك حيث يحقق الجيش الروسي تقدما كبيرا. ويتحدث مراقبون عن احتمالات أن تشهد الجبهة انهيارا تاما للدفاعات الأوكرانية التي تتراجع أمام الهجوم الروسي وسط محاولات لاستفزاز الجيش الروسي بعمليات قصف بواسطة الطائرات المسيرة وتهديد زيلينسكي باستخدام صواريخ باليستية لقصف الأراضي الروسية، وهو تطور خطير من شأنه أن ينقل العملية العسكرية الروسية الخاصة في الدونباس إلى حرب واسعة في أوروبا.
التصعيد الغربي ضد روسيا وعدم وجود حوار بين واشنطن وموسكو تستغله إدارة بايدن التي تتحمل مسؤولية استمرار الحرب وتستخدمها خلال الحملات الانتخابية الأمريكية كورقة بيد الحزب الديمقراطي لمنع أي مفاوضات بين موسكو ونظام كييف. وعلى العكس، تعتبر كل استفزاز أوكراني ضد روسيا إنجازا لها وانتصارا كما حصل خلال الهجوم الإرهابي على كورسك.
وبغياب المفاوضات، فإن تهديدات الرئيس الأوكراني زيلينسكي حول الطلب من واشنطن السماح له باستخدام صواريخ باليستية لقصف المدن والأراضي الروسية يعد مغامرة جديدة ستؤدي إلى عواقب وخيمة وإلى المزيد من الخسائر في صفوف القوات الأوكرانية التي تدفع فاتورة التهور والمغامرات التي تدفعها إليها إدارة بايدن وحكومات برلين ولندن وباريس. وربما تدفع مغامرة كهذه إلى تسريع حسم الحرب لصالح روسيا التي حذرت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف من اندلاع حرب عالمية ثالثة في حال استمرار الغرب بتزويد نظام كييف بأسلحة غربية تمكنه من قصف العمق الروسي. وأكدت موسكو أنه في حال قيام نظام زيلينسكي بقصف روسيا بصواريخ باليستية، فإن موسكو عندها ستغير من عقيدتها النووية بما يكفل المحافظة على أمنها القومي، في إشارة إلى أن أي قصف بصواريخ باليستية على أراض روسية يعني أن روسيا سترد وتقصف مراكز القرار في كييف وسيتم حسم المعركة وإنهاء النازية في أوكرانيا.
وسط هذا المناخ المتوتر سياسيا وعسكريا، حثت الصين الولايات المتحدة على الكف عن نشر أكاذيب وبذل جهود حقيقية لتعزيز محادثات السلام وتخفيف الأزمة الأوكرانية، مؤكدة أن بكين تدعو إلى السلام وتناشد بذل جميع الجهود لبلوغ هذه الغاية.
وقال قنغ شوانغ، نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، خلال إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي حول إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، ردا على تصريحات أدلى بها مندوب الولايات المتحدة: إنه “فيما يتعلق بالقضية الأوكرانية ينبغي على الولايات المتحدة بدلاً من الخطب الرنانة، بذل جهود حقيقية لتعزيز محادثات السلام وتخفيف الأزمة”.
وذكر قنغ أن المهمة الأكثر إلحاحا بالنسبة للمجتمع الدولي في الوقت الحالي هي تعزيز وقف إطلاق النار لوقف الحرب وتحقيق السلام، موضحا أن الولايات المتحدة لم تكتفِ بغض الطرف وصم آذانها عن جهود الصين الرامية إلى تعزيز السلام، بل واصلت نشر الأكاذيب في مجلس الأمن وتشويه سمعتها، مشددا على معارضة بلاده ورفضها لهذه الممارسات الأمريكية، ومحذرا من أن زيادة تدفق الأسلحة والذخيرة إلى ساحة المعركة ستزيد من الضرر، وتؤدي إلى تفاقم الأزمة وجعل الطريق إلى السلام أكثر وعورة.
وأوضح قنغ أن الصين ترى أن الشيء المهم الذي يجب القيام به الآن هو الالتزام بالمبادئ الثلاثة المتمثلة في عدم توسيع ساحة المعركة، وعدم تصعيد القتال، وعدم استفزاز أي طرف.
يجمع المحللون على أن الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في الحرب في أوكرانيا، لأن نظام زيلينسكي يتحرك وفق توجيه إدارة بايدن التي تخوض معركة انتخابية حامية بين دونالد ترامب، الذي أعلن رغبته بوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وبين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس التي تعتبر أن تزويد أوكرانيا بالأسلحة والسماح لنظام زيلينسكي بتجاوز كل الخطوط الحمراء وقصف الأراضي الروسية بأسلحة غربية متطورة وصواريخ باليستية يعد إنجازا لإدارة بايدن، فيما أعلن الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب خلال لقاء انتخابي بأن التوافق والتعايش مع روسيا أمر جيد.
ومع أن روسيا، كما أكد الرئيس فلاديمير بوتين، لا تكترث بمن يفوز بالانتخابات الأمريكية القادمة في الخامس من نوفمبر القادم، إلا أنها تريد أن تحقق أهدافها كاملة ولا يعنيها حالة الفوضى والرهانات الأمريكية والغربية وتبعية زيلينسكي للغرب وعدم وجود قرار مستقل في كييف، فالجيش الروسي يعمل خلال هذه الفترة لسحق القوات الأوكرانية بعد محاصرتها في كورسك ويقوم بضرب خطوط إمداداتها كما يتقدم على جبهات القتال في دونيتسك ولا يترك أي فرصة للقوات الأوكرانية للمبادرة.
يحيى كوسا