سلط الدكتور محمود عبد السلام في حديثه مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم الضوء على الترابط بين التصعيد الغربي في أوكرانيا والتوترات الإقليمية في الشرق الأوسط. يشير عبد السلام إلى أن ما يحدث في أوكرانيا هو امتداد للصراعات المستمرة في المنطقة، ولا سيما في الجبهتين الفلسطينية والإيرانية. يرى عبد السلام أن التصعيد الغربي في هذه الجبهات يخدم اهدافا استراتيجية اوسع تهدف إلى استفزاز الأطراف المعنية، خاصة إيران وروسيا، لجرها إلى مواجهات عسكرية اكبر.
عبد السلام يعتبر أن الضوء الأخضر الذي منح لإسرائيل لتوسيع الحرب في المنطقة هو جزء من مخطط يستهدف إثارة رد فعل إيراني يستدعي التدخل العسكري الغربي بشكل اوسع. هذا التصعيد لا يقتصر على الشرق الأوسط فقط بل يمتد إلى أوروبا الشرقية، حيث تتواصل الحرب في أوكرانيا. يرى عبد السلام أن اللاعبين الرئيسيين في هذه الصراعات هما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ويصفهما بأنهما يتشاركان الفكر والتوجه.
عبد السلام يشير أيضا إلى أن الولايات المتحدة تعتبر الصين وروسيا اخطر التهديدات الاستراتيجية لها، خصوصا في ظل النجاحات التي حققتها الصين على الصعيدين السياسي والعسكري، مثل توحيد الفصائل الفلسطينية وإنهاء بعض الخلافات في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، يستعرض عبد السلام التنسيق المتزايد بين روسيا وإيران، خاصة في المجالين العسكري والسياسي، ما يعزز من تحالفهما في مواجهة الضغوط الغربية.
وفيما يتعلق بالتصعيد العسكري في أوكرانيا، يشير عبد السلام إلى أن الجيش الأوكراني قد استنزف إلى حد كبير، وأن الأسلحة الغربية المتطورة مثل الدبابات والطائرات الأمريكية الجديدة مثل F-16 تتطلب سنوات من التدريب لاستخدامها بفعالية. ومع ذلك، يعتقد أن هذه الأسلحة تقاد حاليا بواسطة جنود ومرتزقة أمريكيين وأوروبيين، وهو ما يعكس تورط الغرب المباشر في الصراع.
كما يلفت الانتباه إلى قدرة الطائرات F-16 على حمل رؤوس نووية تكتيكية، وهو ما يعزز احتمالية التصعيد النووي إذا ما تم استفزاز روسيا بشكل كاف. يرى عبد السلام أن هذا التصعيد يهدف إلى دفع روسيا لاستخدام أسلحة نووية تكتيكية، وهو سيناريو خطير قد يؤدي إلى اندلاع حرب نووية محدودة.
عبد السلام يربط بين هذه التطورات ومحاولة الولايات المتحدة تطويق روسيا عسكريا من عدة جهات، بما في ذلك الحدود الشمالية والشرقية. ويرى أن الهدف الأساسي من هذه الاستراتيجية هو استنزاف روسيا وتشتيتها على عدة جبهات، مما يسهل القضاء على ما يعتبره الغرب تهديدا روسيا.
من جهة اخرى، يشير عبد السلام إلى أن إيران تتصرف بحذر فيما يتعلق بالرد على اغتيال شخصيات بارزة، حيث تسعى طهران إلى تجنب استفزاز الولايات المتحدة ودفعها إلى شن هجمات عسكرية ضد مصالحها. ويعتقد أن هذا الحذر يعكس فهما عميقا للألعاب الجيوسياسية التي تحاك ضدها.
يرى الدكتور عبد السلام أن التصعيد الحالي هو جزء من عملية تهيئة للرئيس الأمريكي القادم، سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا، للاستمرار في السياسات نفسها. يعتبر أن القوى العميقة في الولايات المتحدة لا ترغب في وصول دونالد ترامب إلى السلطة مجددا لأنه يهدد النظام السياسي التقليدي، ولديه خطط لتسوية مع روسيا. ولذا، فإن كل ما يجري الآن هو محاولة لتوريط الإدارة القادمة في استراتيجيات التصعيد القائمة، مما يجعل من الصعب على أي رئيس جديد تغيير المسار الحالي.