في خضم التطورات المستمرة في الملف السوري، تبرز النقاشات حول المصالح المشتركة بين سوريا وتركيا على خلفية عمليات التفاوض برعاية روسية وإيرانية. ليان مسعد، في حديثه لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، أكد على عدم وجود مصلحة مباشرة لسوريا من فتح الحدود، مشيراً إلى أن أي خطوة في هذا الاتجاه يجب أن تكون مفيدة للدولة السورية، وهو ما يراه غائباً حالياً. مسعد يرى أن الفصائل المعارضة التي كانت تشكل الواجهة السياسية للمسلحين لم تعد تمثل حتى المسلحين أنفسهم، بل أصبحت أدوات بيد الدول التي تمولها، مثل قطر وتركيا، مع انسحاب بقية دول الخليج من دعم هذه الجماعات.
في إطار قرار الأمم المتحدة 2254، الذي يهدف إلى تحقيق توافق سياسي بين الحكومة والمعارضة، يشدد مسعد على أن هذا القرار في حال تم تطبيقه بشكل فعلي يمثل مكسباً لسوريا. ولكنه يؤكد أن المعارضة الخارجية والدول التي تدعمها لا ترغب في تنفيذ هذا القرار، حيث يعتقدون أن تنفيذه يعني تسليم السلطة في سوريا لهم بشكل كامل، وهو فهم خاطئ للقرار. فالمقصود بالقرار هو التوصل إلى حل سياسي من خلال الحوار بين الأطراف السورية، وليس تسليم السلطة.
وفيما يتعلق بالدور التركي، يرى مسعد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لتحقيق انتصار سياسي شخصي من خلال المصالحة مع سوريا، معتبراً أن أنقرة تحاول الضغط على دمشق لتحقيق مصالحها. وأشاد مسعد بموقف الخارجية السورية في مصر، الذي أظهر تمسك دمشق بمواقفها، في ظل التحركات التركية المدعومة من روسيا.
مسعد أشار إلى أهمية الحوار الوطني السوري كحل للأزمة، مؤكداً أن الولايات المتحدة تعيق هذا الحل بسبب مصالحها الجيوبوليتيكية في شمال شرق سوريا. إذ يرى أن الدور الأمريكي يهدف إلى استدامة الأزمة من خلال دعم الجماعات المسلحة المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعات تعتمد بشكل كبير على التمويل القادم من الغرب عبر مؤسسات خيرية واجتماعية.
من جهة أخرى، يؤكد مسعد أن عملية أستانا، التي تضم روسيا، إيران، تركيا وسوريا، كانت العامل الأبرز في وقف العنف بسوريا، وأنها لا تزال تلعب دوراً حيوياً في تحقيق المصالحة التركية السورية إذا توافرت النوايا الحسنة من الجانب التركي. ويشدد على أن جنيف لم تحقق أي إنجاز بسبب العرقلة الأمريكية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا تهتم بالديمقراطية أو حقوق الإنسان في المنطقة بقدر اهتمامها بمصالحها الجيوبوليتيكية.
يتحدث مسعد أيضاً عن التعقيدات الديمغرافية في شمال شرق سوريا، حيث تشكل الجماعات المسلحة جزءاً من التركيبة الاجتماعية والاقتصادية نتيجة التمويل الغربي. لكنه يشير إلى أن هذه الجماعات لن تتمكن من الاستمرار بدون الدعم الخارجي، داعياً تركيا إلى قطع التمويل عن هذه الجماعات.
في النهاية، يرى مسعد أن الولايات المتحدة لن تخرج من سوريا بسهولة، نظراً للأهمية الاستراتيجية التي توليها للمنطقة، سواء من حيث موارد النفط أو الموقع الجغرافي الذي يسمح لها بالضغط على روسيا وتركيا في آن واحد. لكنه يعتقد أن استمرار الوجود الأمريكي في المنطقة سيعقد أي جهود لتحقيق الاستقرار، مشيراً إلى أن الحل يكمن في إيجاد صيغة توافقية تلبي مصالح جميع الأطراف الفاعلة في سوريا، بما في ذلك تركيا وروسيا.