في سياق تحليله لتصاعد التوترات بين إسرائيل والمقاومة، أكد الدكتور سليم حربا، الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، أن نقل مركز الثقل من غزة إلى الجنوب اللبناني هو نتيجة لعجز إسرائيل في تحقيق أي أهداف عسكرية. في حديثه عبر إذاعة ميلودي إف إم لشبكة شام نيوز إنفو، أشار حربا إلى أن المجازر وحرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل لن تؤدي إلى رضوخ المقاومة في غزة، حيث لم تتمكن من تحقيق أي نجاحات ميدانية، وبالتالي فإنها لن تستطيع الحصول على مكاسب سياسية.
وأوضح حربا أن الاحتلال الإسرائيلي وجد نفسه أمام مطالبات دولية بوقف إطلاق النار، ما دفعه إلى التصعيد في الجنوب اللبناني كوسيلة للهروب إلى الأمام. إسرائيل لجأت إلى التصعيد بعد نفاد خياراتها العسكرية والسياسية، ما دفعها إلى استخدام “أسلحة دمار شامل” بنسخة تكنولوجية بدلاً من الأسلحة التقليدية. تمثلت هذه الاستراتيجية في استهداف أجهزة الاتصالات وأجهزة البيجر الخاصة بحزب الله، وكذلك الهجوم على خلية الرضوان في الضاحية الجنوبية.
وفقاً لحربا، الهدف من هذه الهجمات هو توجيه رسائل عدة، منها محاولة إثبات أن إسرائيل لا تزال قوية، وتأثير الضربة على البيئة الشعبية لحزب الله، والضغط على البنية العسكرية للحزب عبر ضرب البيئة التي تحتضنه. ومع ذلك، أشار حربا إلى أن هذه الاستراتيجية فشلت في تحقيق أهدافها، حيث استطاع حزب الله الرد بسرعة ودون تسرع على هذه الهجمات.
من الجانب التكتيكي، اعتبر حربا أن العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان يهدف إلى ترهيب بيئة حزب الله وتهجير اللبنانيين في محاولة لمقايضة المهجرين اللبنانيين بالنازحين الصهاينة. في هذا السياق، أشار إلى أن حزب الله أوجع إسرائيل من خلال استهدافاته الاستراتيجية التي أصابت منظومة الاستطلاع وأجبرت إسرائيل على إخلاء عشرات المستوطنات الشمالية.
حزب الله، وفقاً لحربا، نجح في إضعاف الركائز الثلاث التي يعتمد عليها الكيان الصهيوني: القوة العسكرية، تجميع اليهود في فلسطين، والدعم الخارجي الأمريكي. على المستوى العسكري، تراجعت قوة إسرائيل بعد أن فقدت هيبة جيشها. كما تزعزعت الركيزة البشرية بعد تهجير المستوطنين، ما يزيد من أزمة الكيان.
حزب الله رد على جريمة استهداف أجهزة البيجر واللاسلكي بضربات مركزة، بما في ذلك قصف قاعدة رامات دافيد ومجمع الصناعات العسكرية “رافاييل”، ما أدى إلى حالة من الذعر في إسرائيل. أكد حربا أن هذه الهجمات أصابت أحد أهم المواقع الاستراتيجية لإسرائيل وأظهرت ضعف منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، مثل “القبة الحديدية”، التي فشلت في اعتراض صواريخ حزب الله.
بالإضافة إلى ذلك، أكد حربا أن هذه الهجمات تمثل رسالة واضحة بأن حزب الله قادر على استهداف البنية التحتية الإسرائيلية الحيوية. في حال استمرار العدوان، يستطيع الحزب ضرب مواقع استراتيجية في حيفا والمناطق الشمالية، ما سيؤدي إلى نزوح كبير قد يصل إلى مئات الآلاف من المستوطنين.
فيما يتعلق بالتوسيع المحتمل للعدوان الإسرائيلي، أشار حربا إلى أن هناك عدة عوامل تمنع هذا التوسع. أولاً، إسرائيل تواجه عجزاً عسكرياً بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها في غزة. ثانياً، يعاني جيش الاحتلال من مشاكل نفسية وتنظيمية تمنعه من فتح جبهة جديدة في الشمال. ثالثاً، فشل منظومات الدفاع الإسرائيلية في التصدي لصواريخ حزب الله يعزز من مخاوف الكيان من تصعيد أوسع.
في الختام، أشار حربا إلى أن الكيان الإسرائيلي يدرك جيداً أن سلاح الجو وحده لا يمكنه حسم المعركة، وأن حزب الله يمتلك قدرات كبيرة تحت الأرض تجعله عصياً على الهزيمة. هذا الصراع المستمر يعكس بوضوح التوترات الكبرى بين إسرائيل والمقاومة، ويبرز فشل إسرائيل في فرض قواعد جديدة للردع.