في مقابلة خاصة مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم تحدث الباحث والمحلل السياسي وعضو مجلس الشعب السابق الأستاذ مهند الحاج علي عن الأوضاع العسكرية والسياسية المتسارعة في ضوء العدوان الذي تشنه إسرائيل على دول المنطقة ودور سوريا في هذه المعركة المصيرية وأكد أن المنطقة وسوريا على وجه الخصوص تجد نفسها في قلب هذه المعركة الكبرى التي تعتبرها إسرائيل وتحديداً رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو قضية مصيرية على الصعيدين الشخصي والكياني فنتنياهو يرى أن مصيره السياسي وشعبية حكومته على المحك وأن استمرار هذه الحرب قد يكون السبيل الوحيد أمامه لتفادي الأزمات الداخلية والخارجية المتزايدة التي تهدد وجوده السياسي.
أشار الحاج علي إلى أن العديد من المعادلات التي اعتمد عليها الكيان الصهيوني خلال العقود الماضية قد انهارت منذ السابع من أكتوبر ألفين وثلاثة وعشرين وحتى الآن فقد تسببت الحرب الحالية في إضعاف قدرة إسرائيل على الحفاظ على تفوقها العسكري والسياسي الذي لطالما اعتمدت عليه وبدلاً من ذلك تواجه حرب استنزاف طويلة الأمد تستنزف قدراتها ليس فقط على الصعيد العسكري بل أيضاً على الصعيدين الاقتصادي والسياسي يرى الحاج علي أن إسرائيل ومشغليها يجدون أنفسهم في موقف صعب حيث أن الخيارات المتاحة أمامهم أصبحت محدودة وأكد أن هذه الحالة تدفع إسرائيل إلى ارتكاب المزيد من الحماقات في محاولة للخروج من هذا المأزق الخطير.
فيما يتعلق بالرد الإسرائيلي على الهجمات الإيرانية والغربية يرى الحاج علي أن الخيارات أمام نتنياهو باتت ضيقة للغاية فإسرائيل رغم قوتها العسكرية لا تمتلك الإمكانيات اللوجستية الكافية لتنفيذ ردود عسكرية حاسمة على الهجمات التي تستهدفها وخصوصاً على المنشآت النووية الإيرانية التي تعتبرها هدفاً استراتيجياً للطائرات الإسرائيلية القيود اللوجستية تجعل من المستحيل تنفيذ ضربات قاضية فحتى إذا انطلقت الطائرات الإسرائيلية من قواعد حلفاء في تركيا مثلاً فإنها غير قادرة على حمل القنابل الأمريكية الحديثة القادرة على اختراق التحصينات النووية والعودة بسلام إلى الأراضي الإسرائيلية.
أوضح الحاج علي أن هذا الواقع يفرض قيوداً على قدرة إسرائيل في الرد خصوصاً في ظل ما تعرضت له من خسائر جسيمة خلال عملية الوعد الصادق اثنين حيث تم إخراج ثلاث مطارات وقاعدة عسكرية جوية عن الخدمة بالإضافة إلى إصابة طائرات إف خمسة وثلاثين التي تعد من أهم طائرات إسرائيل المتقدمة كما تم إخراج رادارين استراتيجيين يقومان بتمشيط منطقة الشرق الأوسط بالكامل عن الخدمة واستهداف موقع تجمع للقوات الإسرائيلية كان يتحضر لدخول محور نتساريم وتم استهداف دبابات ومدرعات بصواريخ متطورة تسببت بخسائر فادحة للعدو الذي يحاول التستر على حجم الخسائر إلا أن الحاجة للرد أصبحت ملحة بالنسبة له.
أشار الحاج علي إلى أن إسرائيل لا تملك الإمكانيات اللوجستية لتنفيذ ضربات نووية أو ضرب منشآت نفطية استراتيجية بدون تدخل أمريكي مباشر وأوضح أن الرسائل التي وجهتها إيران للولايات المتحدة عبر قطر كانت واضحة أن أي تدخل إسرائيلي ضد المنشآت النووية سيقابله معركة مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي وبالتالي تم تحذير الأمريكيين بأنهم إذا كانوا غير قادرين على لجم نتنياهو فإن الإيرانيين سيضطرون للتدخل بشكل مباشر وأشار الحاج علي إلى أن الرد الأمريكي كان غير مباشر حيث أكدوا أنهم ملتزمون فقط بالدفاع عن أمن إسرائيل لكنهم لن يدخلوا في معركة مباشرة مع إيران أو حلفائها.
يرى الحاج علي أن الولايات المتحدة لن تشارك في هذه المعركة بشكل مباشر مما يجعل إسرائيل أمام خيارات محدودة فهي إما تحتاج إلى قاذفات أمريكية متطورة أو غواصات حديثة قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة ضد الأهداف الاستراتيجية التي ترغب في استهدافها وهذا ما لا تمتلكه إسرائيل حالياً بالتالي فإن الرد الإسرائيلي سيكون محدوداً وشكلياً ولن يتجاوز عمليات اغتيال محدودة أو ضربات انتقامية غير مؤثرة.
أما بالنسبة لصمت إسرائيل في مواجهة هذه التطورات فقد أشار الحاج علي إلى أن منظومة الردع الإسرائيلية قد انهارت تماماً منذ عام وحتى الآن لم تنجح إسرائيل في ترميمها ومع كل محاولة تقوم بها إسرائيل لتوجيه ضربة موجعة للمقاومة تجد نفسها أمام تصعيد أكبر وأعقد وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت تأمل باغتيال قيادات كبيرة في حزب الله مثل السيد حسن نصر الله إلا أن هذه العمليات لم تؤد إلى النتائج التي كانت تأملها وأشار الحاج علي إلى أن نتنياهو قد يحاول فتح جبهات أخرى للتعويض عن فشل الضربات النوعية التي كان يخطط لها خصوصاً مع استمرار الضغوط الداخلية التي يعاني منها.
أكد الحاج علي أن الجبهة السورية قد تكون الهدف القادم لإسرائيل حيث يرى نتنياهو أن فتح جبهة جديدة مع سوريا قد يساعده في إعادة ترتيب الأوراق السياسية والعسكرية لصالحه خصوصاً أن الجبهة السورية هي الأقرب والأكثر احتمالاً لتوجيه ضربات إسرائيلية مباشرة إلا أن هذا الخيار لن يكون سهلاً في ظل وجود دعم كبير من إيران وحزب الله للنظام السوري بالإضافة إلى الجبهات الأخرى التي قد تفتح في اليمن أو العراق.
أما بخصوص الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا بذريعة وجود خبراء إيرانيين في البلاد فإن الحاج علي أكد أن هذه الاعتداءات تأتي في إطار محاولة إسرائيلية لجر سوريا إلى مواجهة مباشرة حيث تحاول إسرائيل استغلال الظروف الحالية لتوسيع رقعة الحرب وزيادة الضغط على دمشق لكن الحاج علي أشار إلى أن سوريا تمتلك القدرة على الرد بطرق غير مباشرة من خلال حلفائها في المنطقة مما يجعل خيار التوسع الإسرائيلي محفوفاً بالمخاطر.
أوضح الحاج علي أن نتنياهو يسعى لتوسيع الحرب لعدة أسباب داخلية أهمها أن لديه محاكمة مرتقبة بتهم فساد وفي حال استمرار الحرب قد يتم تأجيل المحاكمة أو حتى إسقاطها كلياً بالإضافة إلى ذلك فإن الانتخابات الأمريكية المرتقبة تمثل فرصة لنتنياهو لتعزيز موقفه إذا نجح ترامب في العودة إلى السلطة حيث يعتبر نتنياهو أن انتصار ترامب في الانتخابات الأمريكية قد يساعده في الحصول على دعم أكبر من الإدارة الأمريكية الجديدة ويعتبر هذا التطور مهماً بالنسبة له خصوصاً أن الديمقراطيين بقيادة الرئيس بايدن لم يتمكنوا من تحقيق تقدم كبير في وقف إطلاق النار في المنطقة.
هناك أيضاً سبب داخلي آخر يدفع نتنياهو لتوسيع الحرب وهو الحاجة إلى تأمين تصويت البرلمان الإسرائيلي على الموازنة العامة حيث أن الفشل في تمرير الموازنة قد يؤدي إلى انهيار الحكومة وحل البرلمان مما يهدد وجود نتنياهو السياسي ويجعل من الضروري بالنسبة له الحفاظ على دعم الكنيست من خلال استمرار الحرب وتعزيز شعبيته المتدهورة.
في ظل هذه الظروف يرى الحاج علي أن نتنياهو لا يملك الكثير من الخيارات فهو لا يستطيع تحقيق نصر عسكري حاسم ضد قوى المقاومة التي تعتمد على حرب العصابات والمقاومة الشعبية كما أن أي مفاوضات لوقف إطلاق النار قد تعني نهاية حكمه لذلك فإن الخيار الوحيد المتبقي أمامه هو محاولة توسيع الحرب وفتح جبهات جديدة إلا أن هذا الخيار أيضاً مليء بالمخاطر وقد يؤدي إلى نتائج عكسية خصوصاً في ظل غياب الدعم الأمريكي المباشر.