أكد اللواء المتقاعد الدكتور سليم حربا، الخبير بالشؤون الاستراتيجية والعسكرية، وفي مقابلة خاصة مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، أن معادلة “إيلام العدو” التي اختارتها المقاومة اللبنانية أصبحت عنوان المواجهة المفتوحة مع إسرائيل. حربا أشار إلى أن التصعيد الأخير من قبل حزب الله كان له تأثير واضح في كبح الشعور الإسرائيلي بفائض القوة، إذ تحولت تصريحات الاحتلال في الأيام الأخيرة من فرض الشروط إلى محاولة إيذاء حزب الله والحد من تأثيره.
حربا أوضح أن الكيان الإسرائيلي كان يعيش نشوة زائفة بسبب الدعم الأمريكي المفرط، ونجاحاته في العمليات الأمنية، لكن هذا “النجاح” لم يكن كافياً لكسر إرادة المقاومة. وأضاف أن عمليات إسرائيل العسكرية والجوية الوحشية ضد حزب الله في جنوب لبنان، إلى جانب الاعتداءات على سوريا، لم تحقق نتائج ملموسة. رغم استهداف البنية العسكرية والبيئة الشعبية للمقاومة، فإن الوقائع على الأرض جاءت على عكس ما كانت تتوقعه إسرائيل.
وتابع حربا قائلاً إن حزب الله، على الرغم من الضربات التي تعرض لها، استطاع إعادة بناء هيكله القيادي والميداني بسرعة، مؤكداً أن ظهور الشيخ نعيم قاسم المتكرر في الآونة الأخيرة أظهر أن الحزب لا يزال بكامل جاهزيته، وأنه مستعد لاستمرار المعركة. من هنا، يُفهم أن الميدان هو الفاصل الحقيقي، رغم التفوق الجوي الإسرائيلي، إذ لا يمكن لسلاح الجو وحده حسم معركة على الأرض.
العملية البرية التي أطلقتها إسرائيل بهدف اجتياح جنوب لبنان كانت خطأً في التقدير، حسبما أكد حربا، فقد حشدت إسرائيل خمس فرق وأربعة ألوية نخبة، لكنها لم تستطع تحقيق أي تقدم ملموس خلال عشرين يوماً من القتال. على العكس، تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر بشرية كبيرة، ما أثر بشكل سلبي على معنويات الجنود، وتسبب في فرار أكثر من 1500 جندي وحالات تمرد داخل صفوف الجيش.
وعلى الجانب الآخر، أكد حربا أن القوة البرية للمقاومة اللبنانية باتت أكثر تعافياً، وأن حزب الله يعتمد بشكل كبير على مقاتليه الذين أظهروا كفاءة عالية في الميدان. إضافة إلى ذلك، كانت الطائرات المسيرة جزءاً أساسياً من استراتيجية المقاومة. فقد استخدم حزب الله نوعين من الطائرات المسيرة: الطائرات الانقضاضية التي نفذت ضربة نوعية على معسكر جولاني في مستوطنة بنيامينا، والطائرات الاستطلاعية التي جالت فوق حيفا وأتت بمعلومات دقيقة عن مواقع حساسة داخل إسرائيل.
وأشار حربا إلى أن استهداف حيفا، التي تعد مركزاً صناعياً واقتصادياً مهماً لإسرائيل، كان له وقع أكبر من استهداف تل أبيب. هذه الضربات أظهرت قدرة حزب الله على تجاوز دفاعات إسرائيل مثل القبة الحديدية، وأرسلت رسالة واضحة بأن المقاومة قادرة على تدمير أهداف حساسة وشل الاقتصاد الإسرائيلي إذا استدعت الحاجة.
في النهاية، شدد حربا على أن معادلة “إيلام العدو” باتت تمثل تحوّلاً استراتيجياً في الصراع مع إسرائيل، وأن حزب الله لا يزال قوة مؤثرة على الرغم من كل المحاولات الإسرائيلية لإضعافه. العمليات الأخيرة أكدت أن إسرائيل أخطأت في تقديراتها وأن المقاومة اللبنانية مستعدة للمضي قدماً في الدفاع عن لبنان وفلسطين ضمن معركة قد تطول ولكنها مليئة بالمفاجآت.