تسعى سوريا حاليًا للانضمام إلى مجموعة البريكس، وذلك بعد قبول كل من مصر والسعودية والإمارات كأعضاء جدد في هذه المجموعة الاقتصادية المهمة اعتبارًا من 1 يناير 2024.
تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة للحكومة السورية لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية في ظل الأزمات المستمرة التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من عقد من الزمن. يعكس هذا التوجه رغبة سوريا في إعادة الانخراط في المجتمع الدولي وتحسين وضعها الاقتصادي الذي تأثر بشكل كبير جراء العقوبات المفروضة عليها.
تأسست مجموعة البريكس عام 2006 وتضم حاليًا خمس دول رئيسية هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. تهدف المجموعة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول النامية، وتقديم بدائل للمؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. تعتبر مجموعة البريكس منصة مهمة للدول التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في النظام المالي العالمي، مما يجعل انضمام سوريا إليها خطوة استراتيجية قد تساهم في تحسين وضعها على الساحة الدولية.أعلن وزير المالية السوري كنان ياغي عن نية الحكومة تقديم طلب الانضمام إلى مجموعة البريكس، مما أثار تساؤلات حول مدى جدية هذا الطلب في ظل الظروف الحالية.
تشير التقارير إلى أن هناك دولًا أخرى أيضًا تسعى للانضمام، مما يزيد من التنافس على العضوية. ولكن، يبقى السؤال: هل ستقبل الدول الأعضاء الجدد طلب سوريا؟ هذا يعتمد بشكل كبير على الموقف السياسي للدول الأعضاء ومدى استعدادها لدعم هذا الطلب.
على الرغم من الطموحات السورية، فإنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالعقوبات المفروضة عليها. فقد أدرجت العديد من الدول الغربية سوريا على قائمة العقوبات . و قد تؤثر هذه العقوبات بشكل كبير على الدول التي تسعى لتطبيع علاقاتها مع دمشق، مما يجعل انضمام سوريا إلى البريكس أمرًا معقدًا.
ومع ذلك، يمكن أن تكون هناك مصلحة مشتركة للدول الأعضاء في تعزيز التعاون مع سوريا، خاصةً في مجالات الطاقة والاقتصاد.
من جهة أخرى، تسعى دول البريكس لتعزيز نفوذها عالميًا وتقديم بدائل للمؤسسات الغربية. إذا تم قبول سوريا كعضو جديد في المجموعة، فقد يكون لذلك تأثير كبير على الديناميات الجيوسياسية في المنطقة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين سوريا والدول الأعضاء الأخرى، مما يساعد على إعادة بناء الاقتصاد السوري الذي يعاني من تدهور كبير.
تتجه الأنظار حاليًا إلى القمة المقبلة لمجموعة البريكس حيث سيتم بحث طلبات العضوية الجديدة. سيكون من المثير للاهتمام معرفة كيف ستتعامل الدول الأعضاء مع طلب سوريا في ظل الأوضاع الراهنة. قد تتطلب عملية اتخاذ القرار مشاورات دقيقة بين الدول الأعضاء، نظرًا للتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها سوريا.
و في حال انضمام سوريا إلى مجموعة البريكس، قد يوفر لها عدة مزايا اقتصادية وسياسية:
دعم اقتصادي: الانضمام إلى البريكس يمكن أن يفتح أمام سوريا آفاقًا جديدة للحصول على قروض واستثمارات من بنك التنمية الجديد الذي تديره المجموعة، مما يساعد في إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة
تعزيز العلاقات التجارية: ستكون سوريا قادرة على تعزيز علاقاتها التجارية مع الدول الأعضاء، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الصادرات والواردات، وتحسين الوضع الاقتصادي العام
موقع جيوسياسي: موقع سوريا الاستراتيجي يجعلها نقطة وصل بين القارات، مما قد يعزز من دورها في مبادرات مثل حزام طريق الحرير الصيني، ويزيد من اهتمام الدول الأعضاء بها
التنافسية الاقتصادية: الانضمام إلى مجموعة تضم اقتصادات ناشئة يمكن أن يساعد سوريا في تحسين قدرتها التنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي
تعاون متعدد الأطراف: الانضمام إلى البريكس قد يتيح لسوريا فرصة المشاركة في صياغة سياسات اقتصادية مشتركة مع الدول الأعضاء، مما يعزز من دورها في القضايا الاقتصادية العالمية
الاستفادة من التحولات العالمية: في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، يمكن لسوريا الاستفادة من توجهات الدول الكبرى نحو تقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز التعاون بين الدول النامية
بشكل عام، قد يمثل انضمام سوريا إلى مجموعة البريكس خطوة استراتيجية نحو تحسين وضعها الاقتصادي والسياسي في ظل التحديات الحالية.