في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أشار اللواء المتقاعد محمد عباس، الباحث والخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، إلى أن إسرائيل تسعى جاهدة إلى قطع العلاقة بين لبنان وسوريا، وكذلك بين المقاومة في البلدين. واعتبر أن هذا المخطط ليس جديدا، بل يعيد للأذهان الخطة التي وضعها أرييل شارون عام 1982، عندما سعى للوصول إلى نهر الأولي شمال صيدا، إلا أن الهدف الأعمق كان التمدد نحو شمال بعلبك وشمال طرابلس، ومسايرة الحدود السورية اللبنانية حتى حدود فلسطين المحتلة في الجولان، بهدف فرض واقع جيوسياسي جديد يُجبر سوريا على خيارات استسلامية تحقق لإسرائيل سيطرة إقليمية مطلقة.
وحول تحفظ لبنان على استخدام مصطلح الحدود بين لبنان وكيان الاحتلال، وتثبيت الحدود الدولية، لفت اللواء عباس إلى أن هذه الصياغة تحمل إشكالية مقصودة، تُستخدم في الوقت المناسب. وأشار إلى أن النهج البريطاني والغربي يتبع هذه الأساليب بدقة، مثل صياغة القرارات بعبارات غامضة كـ”الانسحاب من أراض محتلة” بدل “الأراضي المحتلة”، وهو ما ظهر في قرار مجلس الأمن 242. وأكد أن المقاومة تدرك هذه المناورات وتعرف أن التفاصيل تحمل في طياتها مكامن خطورة، مشددا على أن المفاوض اللبناني بات يمتلك خبرة كبيرة في تفكيك المصطلحات ودراسة الجزئيات لتجنب الوقوع في فخاخ الصياغة المبهمة، مثلما كان يحدث في اتفاقيات أوسلو التي وصفها الرئيس الراحل حافظ الأسد بأنها تحتاج إلى اتفاقيات جديدة لكل بند منها.
فيما يتعلق بإعلان الخارجية الأمريكية أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان قابل للتنفيذ إذا تحرك الطرفان، اعتبر اللواء عباس أن هذا التصريح يعكس نية أمريكية للضغط على المقاومة للتنازل عن سلاحها وخياراتها، وفك الربط بين المقاومة الفلسطينية في غزة والجنوب اللبناني. لكنه شدد على أن المقاومة ثبتت معادلة الربط بين الجبهتين، مما شكل أزمة استراتيجية كبيرة للكيان الإسرائيلي، حيث بات العدو يعاني من ضربات موجعة وصلت إلى حيفا وأظهرت هشاشة تحصيناته. وأضاف أن الإسرائيلي قد يحاول تقديم إغراءات للمفاوض اللبناني بإبداء استعداد لوقف إطلاق النار وتقديم شروط إيجابية، لكنه في المقابل سيطالب بتنفيذ بنود تُضعف المقاومة تدريجيا.
بالانتقال إلى الداخل الإسرائيلي، اعتبر اللواء عباس أن المفاوضات الجارية هي امتداد للمفاوضات السابقة بشأن غزة في القاهرة والدوحة. لكنه أكد أن الوضع داخل الكيان يشهد صراعات سياسية متعددة الجوانب، ورغم ذلك تتفق كافة الأطراف الإسرائيلية على ضرورة القضاء على المقاومة، باعتبار المعركة وجودية. وأوضح أن الانتقادات الموجهة لنتنياهو تأتي من كونه لم يكن دمويا بما يكفي في إدارة المعركة، حيث يتهمه خصومه بالتقصير وعدم تحقيق الأهداف السياسية والعسكرية، بينما يحمّل نتنياهو وزير الحرب غالانت مسؤولية سوء إدارة المواجهة. ومع تصاعد الضغوط من المستوطنين، يجد نتنياهو نفسه أمام مأزق داخلي يزيد تعقيد المشهد.
وفيما يخص الادعاءات بشأن احتمال بيع إيران لحزب الله، استنكر اللواء عباس هذه المزاعم، مؤكدا أن إيران دولة إقليمية عظمى لها مكانة استراتيجية مهمة ضمن منظومتي بريكس وشنغهاي، وبين دول المنطقة بشكل عام. وأضاف أن الولايات المتحدة تسعى لاستقطاب إيران بسبب هذه المكانة، وليس العكس، وهو ما يعزز موقف إيران في دعمها المتواصل للمقاومة وقضايا المنطقة.