استعرض اللواء محمد عباس، الخبير العسكري والمحلل السياسي، في حديثه لشبكة شام نيوز إنفو تصعيد الولايات المتحدة في الأزمة الأوكرانية، مشيراً إلى الأبعاد الاستراتيجية وراء قرارات الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سمح باستخدام صواريخ طويلة المدى لضرب العمق الروسي. وأكد عباس أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع العالمية وإشعال فتيل حرب نووية، خاصة بعد توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على العقيدة النووية المعدلة، التي تنص على أن أي هجوم جوي ضخم على روسيا سيواجه برد نووي. واعتبر عباس أن هذا التطور يعكس رغبة الإدارة الأمريكية الحالية في ترك إرث سياسي وإشعال صراعات قد تورط الإدارة القادمة.
ورأى عباس أن بايدن يسعى لتوريط منافسه الجمهوري دونالد ترامب عبر خلق تحديات معقدة على المسرح الدولي. فبينما وعد ترامب بإنهاء الصراع الأوكراني والتواصل مع بوتين لتجنب تصعيد الحرب، تعمل إدارة بايدن على تصعيد الوضع، مما يجعل إنهاء النزاع أكثر صعوبة للإدارة القادمة. وأشار عباس إلى أن الصواريخ الأمريكية مثل “أتكامز” و”سترونغ شادو” التي زودت بها أوكرانيا، تعد نقطة تحول استراتيجية، حيث يمكنها استهداف العمق الروسي وتهديد أمن موسكو.
اللواء عباس أكد أن استخدام روسيا للتهديد النووي ليس إلا وسيلة للردع، مشدداً على أن الأمن القومي الروسي غير قابل للتجزئة. ولفت إلى أن الولايات المتحدة تحاول تشويه صورة بوتين وربطه بالنازية والهتلرية لخلق تبرير لدعم أوكرانيا ومواصلة الضغط على روسيا. وذكر أن جذور الصراع تعود إلى خرق اتفاقيات سابقة بين الغرب وروسيا، مثل اتفاقية مينسك، وتوسع حلف الناتو باتجاه الحدود الروسية، مما دفع موسكو إلى اتخاذ خطوات حاسمة للدفاع عن أمنها القومي.
عباس أوضح أن أمريكا تسعى لاستنزاف روسيا من خلال فتح جبهات متعددة، بدءاً من أوكرانيا وصولاً إلى سوريا، حيث أكد أن العدوان الأمريكي على سوريا كان يهدف إلى إغراق روسيا في صراع طويل الأمد، قبل أن يتم نقل الصراع إلى أوكرانيا. وأشار إلى أن واشنطن استخدمت الدعاية الإعلامية لتأليب العالم ضد روسيا، مذكراً بالدور الذي لعبته الثورات الملونة في تغيير الأنظمة وتدمير المجتمعات، كما حدث في أوكرانيا وسوريا.
وفي سياق متصل، أشار اللواء عباس إلى أن تصعيد الحرب في أوكرانيا يوازيه تصعيد ديني، حيث يتم استثمار الصراع داخل أوكرانيا بين المكونات الثقافية والدينية المختلفة لتحقيق أهداف سياسية. كما تطرق إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تعكس ما وصفه بالصراع الديني العالمي، مشيراً إلى أن بنيامين نتنياهو يدعي الدفاع عن القيم الحضارية الغربية في مواجهة ما يصفونه بالإسلام “المتوحش”، وهو خطاب يعكس رؤى فكرية متطرفة تستند إلى أطروحات صموئيل هنتنغتون وبرنارد لويس.
أما عن المستقبل، فقد لفت عباس إلى أن الوعود التي أطلقها ترامب بشأن وقف الحرب في أوكرانيا قد تكون مفتاحاً لإنهاء الصراع، لكن الشكل الذي سيأخذه هذا الحل لا يزال غامضاً. فهل سيكون عبر القوة أم التفاوض؟ وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية المقبلة ستواجه خيارات معقدة، تشمل دعم أوكرانيا أو قطع المساعدات عنها، واستمرار التصعيد في الشرق الأوسط. وختم عباس حديثه بالقول إن استمرار العدوان الأمريكي يهدف إلى خلق شرق أوسط جديد يخدم المصالح الأمريكية، مما يضع المنطقة أمام مستقبل غامض ومفتوح على كل الاحتمالات.