في حديث لشبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، تناول الدكتور خلف المفتاح، الكاتب والمحلل السياسي وعضو القيادة القطرية السابق، دور تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان في الأحداث الأخيرة في سوريا، مشيرا إلى أن تصرفات أردوغان تمثل طعنة في ظهر روسيا. يأتي ذلك بعد الاتفاق التركي الروسي بشأن الوضع في إدلب، حيث تواصل تركيا التعامل بأسلوب يتسم بالغدر، بحسب وصف المفتاح، الذي أكد أن روسيا بحكمتها لا تتعامل بانفعال وإنما تعرف كيف تضبط إيقاع الأمور وتحافظ على مصالحها الاستراتيجية مع تركيا رغم التوترات.
المفتاح أوضح أن روسيا تدرك أهمية تركيا من الناحية الجيوسياسية، خاصة في ظل العلاقات التجارية الكبيرة وعدد السياح الروس المتدفقين إلى تركيا، فضلا عن تجارة الحبوب. ومع ذلك، فإن روسيا قادرة على إزعاج تركيا إذا لزم الأمر، لكنها تفضل عدم التصعيد إلا في حال تجاوزت تركيا حدودا معينة. وأكد المفتاح أن نجاح الإرهاب في سوريا يشكل تهديدا مباشرا لأمن روسيا، خصوصا مع وجود تيارات متطرفة في الدول السوفيتية السابقة وحتى في الصين.
المفتاح أشار إلى محاولات أردوغان لإعادة تعويم الجماعات الإرهابية عبر منحها واجهات جديدة، مستشهدا بتنظيم تحرير الشام الذي يحاول أردوغان تلميعه ليبدو مقبولا دوليا. كما انتقد الدعم الأمريكي لهذه الجماعات، الذي يتجلى في محاولات تبرير وجودها والتقليل من خطرها، معتبرا أن هذا التوجه جزء من استراتيجية أكبر تستهدف تقويض الاستقرار في سوريا والمنطقة.
حول الاجتماع الثلاثي في قطر بين روسيا وتركيا وإيران، رأى المفتاح أن روسيا تمنح أردوغان فرصا للتراجع والالتزام، ولكن إذا تجاوز الأمور، فإن الخيارات الأخرى ستصبح مطروحة. وأضاف أن الإرهاب ليس قضية سورية فحسب، بل هو تهديد للأمن الإقليمي برمته، بما في ذلك دول الخليج ومصر وتركيا ذاتها. وحذر من أن سياسة أردوغان في دعم الإرهاب ستنقلب على تركيا في نهاية المطاف.
فيما يتعلق باتفاق خفض التصعيد، أكد المفتاح أن خرق هذا الاتفاق من قبل الجماعات المسلحة كان متوقعا، مشيرا إلى أن الهجوم لتحرير إدلب من الإرهاب تأخر كثيرا. كما لفت إلى الخطر الكبير الذي تمثله أجيال النازحين السوريين في تركيا، حيث يتم تلقين الأطفال هناك أفكارا متطرفة شبيهة بتلك التي غذت طالبان في أفغانستان.
أما عن المواقف الدولية، فقد رأى المفتاح أن نجاح سوريا في مواجهة الإرهاب يمثل نجاحا لروسيا أيضا، وأن الهجمات الإرهابية في سوريا مرتبطة بشكل مباشر بالصراع في أوكرانيا وغزة ولبنان، وهو ما يعكس تشابك الأزمات في إطار صراع دولي أكبر. كما أشار إلى وجود أوكرانيين يدربون إرهابيين في سوريا بهدف فتح جبهة جديدة تستنزف روسيا.
فيما يتعلق بالدور العربي، اعتبر المفتاح أن سوريا تدافع عن قضية محقة، وأن نجاحها في مواجهة الإرهاب كان عاملا حاسما في تغيير مواقف الدول العربية، التي أدركت أن أمنها القومي مرتبط بشكل وثيق بأمن سوريا. وأشاد بالصحوة العربية التي بدأت تتبلور، معتبرا أن موقف العرب الصحيح والمتكامل أسهم في تقليص نفوذ أردوغان وتغيير حساباته.
أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فقد أكد المفتاح أن هذه القوات لا يمكن الوثوق بها، حيث تعتمد بشكل كامل على الدعم الأمريكي. ورأى أن مشروع قسد يحمل خطرا كبيرا كونه يسعى لإقامة كيان انفصالي في سوريا، وهو أمر مرفوض تماما من قبل الدولة السورية. وأكد أن الحل يكمن في الحفاظ على التنوع الوطني والوحدة السورية بعيدا عن المشاريع الانفصالية.
ختاما، شدد المفتاح على أهمية الإعلام والدور الكبير الذي تلعبه قطر في توجيه الأحداث، سواء من خلال المال أو وسائل الإعلام مثل قناة الجزيرة. وأشار إلى أن قطر تستغل نفوذها الإعلامي لخدمة أجندات سياسية معينة، مما يجعلها لاعبا مؤثرا في المنطقة، لكنه أكد في الوقت ذاته أن الوعي الشعبي العربي قادر على مواجهة هذه المحاولات وإفشالها.