اعتبر المحامي أنس الجودة، رئيس حركة البناء الوطني، في حوار مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أن نجاح المرحلة الانتقالية يعتمد بشكل كبير على مشاركة شاملة تخلق بيئة وطنية قادرة على مواجهة التحديات الراهنة. وأكد أن نجاح المؤتمر الوطني يتوقف على استعداد الأطراف الفاعلة لإدارة المرحلة وفق معايير وطنية تلبي طموحات المجتمع.
أوضح الجودة أن هناك مؤشرات على محاولة طرف واحد إدارة الأمور بشكل مركزي، مما يخلق إشكاليات كبيرة. وأكد أن الوضع الحالي يتطلب من المجتمع تنظيم نفسه بشكل واضح وصريح من حيث المواقف والمطالب، بدلًا من الاكتفاء بمنشورات عابرة أو انتقادات سطحية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن المجتمع بحاجة ماسة إلى سد الفراغ في الشأن العام عبر الإنتاج المجتمعي، منتقداً السياسات السابقة التي بدأت منذ فترة الوحدة، حين تم تهميش الأحزاب وإفراغ النقابات من دورها. ودعا إلى إعادة تمكين المجتمع من امتلاك الشأن العام، مشدداً على أن ذلك يزيد من قدرته على التعبير عن نفسه بشكل موضوعي وفعال.
استعرض الجودة التجارب الناجحة في دول أخرى، مثل تونس، حيث لعبت النقابات دورا محوريا في دعم العملية الانتقالية. واعتبر أن النقابات، بصفتها عصب المجتمع المدني، يجب أن تكون جزءً أساسياً من الحوار الوطني وأن يكون لها كلمة في القضايا الأساسية مثل الدستور وحقوق المواطنين. لكنه أبدى استياءه من تهميش النقابات، مشيراً إلى الإعلان الرسمي بعدم إشراكها منذ البداية، مما أضعف دورها في المشهد الحالي.
حول وضع النقابات، قال الجودة إن نقابة المحامين، التي يفترض أن تكون في طليعة المطالبين بالإعلان الدستوري والحقوق القانونية، غابت عن المشهد بسبب انشغالاتها الداخلية وصراعاتها، مما أخرجها فعلياً من اللعبة السياسية. وأكد أن هذا الغياب أضر بالدور الأساسي الذي يجب أن تلعبه النقابات في المرحلة الحالية.
تحدث أيضاً عن أهمية دور لجان السلم الأهلي التي ظهرت في مدن مثل حمص وطرطوس، مشيداً بقدرتها على تحقيق الاستقرار وضبط الأوضاع المحلية. واعتبر هذا النموذج مثالاً على إمكانيات المجتمع المدني في تعزيز الأمن والسلام الوطني.
وحول التأثيرات الاجتماعية لفترة الاحتراب الطويلة التي امتدت لثلاثة عشر عاماً، أكد الجودة أن المجتمع بات يرفض العودة إلى الأوضاع السابقة، معتبراً أن الجمعيات والشباب الذين عملوا في مجال النزوح الداخلي والمعونات الإنسانية قد اكتسبوا خبرات ثمينة خلال هذه الفترة.
أما عن المؤتمر الحالي، فقد أشار إلى وجود مطالب بعدم إصدار قرارات استراتيجية كبرى لأن ما يتم طرحه لا يعبر عن إرادة الشعب بشكل كامل. وأوضح أن السلطة القائمة يمكنها إصدار إعلان دستوري استناداً إلى القانون الدولي دون الحاجة إلى مؤتمر، لكنه شدد على أن الشرعية تتطلب إطاراً مجتمعياً حقيقياً وليس توافقات سطحية مع مجموعات صغيرة.
كما دعا الجودة إلى إطلاق مشاورات واسعة تشمل قوى مجتمعية وشعبية ومناطق متعددة، بحيث تكون هذه المشاورات أساساً لإعلان دستوري وحكومة انتقالية، تليها حوارات وطنية تركز على قضايا كبرى مثل هوية الدولة وشكل الحكم. كما أكد أهمية الاستعانة بخبراء لضمان نجاح هذه المرحلة الحرجة.