في ظل تصاعد التصريحات الدولية المنتهكة للسيادة السورية، مثل تصريحات نتنياهو برفض عودة الجيش السوري إلى الجنوب، قدم المحلل السياسي أحمد رفعت يوسف في حواره مع شبكة شام نيوز إنفو كيف ساهم ضعف مؤتمر الحوار الوطني في تعزيز النفوذ الخارجي. وأكد يوسف أن المؤتمر لم ينتج مؤسسات قادرة على مواجهة التهديدات الخارجية، بل ترك سوريا عرضة لمخططات التقسيم والهيمنة.
فسر يوسف تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي كاستغلال للفراغ الأمني الناتج عن غياب جيش وطني قوي، حيث دمرت إسرائيل مؤخرا ثكنات عسكرية سورية دون أي رد فعل. وأشار إلى أن البيان الختامي للمؤتمر، رغم تأكيده على “السلم الأهلي”، تجاهل تماما سبل حماية الأرض من الاحتلال، مما يعكس قصورا في الرؤية الاستراتيجية. كما حذر من أن استمرار هذا الوضع قد يحول الجنوب السوري إلى نسخة مكررة من الجولان المحتل.
من ناحية أخرى، تناول يوسف الدور الروسي المتنامي، مشيرا إلى أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن “عدم الرضا عن مسار الأحداث” تظهر قلق موسكو من تدهور الأوضاع، وعدم قدرة المؤتمر على خلق بيئة سياسية مستقرة. وفي المقابل، لفت إلى تراجع النفوذ التركي نسبيا بعد فقدان أنقرة لحلفائها الإقليميين، لكنه أكد أن سوريا ما تزال ساحة صراع للقوى الدولية بسبب غياب رؤية وطنية موحدة.
وتحدث يوسف عن التحركات العسكرية الأخيرة في السويداء، والتي شهدت تشكيل مجلس عسكري محلي برعاية قوات التحالف، معربا عن قلقه من احتمالية تحول المنطقة إلى ممر استراتيجي يربط بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الشمال والجنوب. وأكد أن هذه التطورات تعكس استغلالا ذكيا للفراغ الأمني والسياسي، حيث تسعى القوى الخارجية إلى تعزيز نفوذها عبر دعم كيانات محلية تخدم أجنداتها.
كما ناقش يوسف المطالب المتزايدة بمنح صلاحيات أوسع للمحافظات في إطار نظام لا مركزي، مؤكدا أن هذه المطالب ليست حكرا على السويداء، بل تشمل مناطق أخرى مثل حلب ودرعا. وأشار إلى أن تجاهل المؤتمر لهذه المطالب يزيد من تعقيد الأزمة، خاصة في ظل تنامي المطالبات بالحكم الذاتي في مناطق ذات خصوصية ثقافية أو إثنية.
واختتم يوسف بالتشديد على أن تعويض فشل المؤتمر يتطلب عقد مؤتمر وطني حقيقي، يشارك فيه جميع المكونات دون إقصاء، ويصدر قرارات ملزمة تترجم إلى إجراءات ملموسة. كما دعا إلى الاستفادة من الدروس التاريخية، مثل مؤتمر 1920 الذي استغرق عاما كاملا لوضع دستور شامل، بدلا من الاكتفاء بجلسات صورية تنتج توصيات غير قابلة للتنفيذ. وأكد أن بناء سوريا الجديدة يحتاج إلى وقت وصبر وإرادة سياسية حقيقية تضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبارات أخرى.