مع عودة المزيد من الأشخاص إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح، ومع تعرض مجتمعات جديدة للتلوث نتيجة أعمال العنف، لاتزال الألغام الأرضية والمخلفات المتفجرة تشكل تهديداً قاتلاً للمواطنين ، حيث أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام ضرورة التصدي لتهديد الذخائر المتفجرة في سوريا.
شهدت سوريا منذ الثامن من شهر كانون الأول الماضي ارتفاعاً مأساوياً في عدد الضحايا بسبب الذخائر المتفجرة وفقاً لرئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا ستيفان ساكاليان، موضحاً في بيان له ، بأنه تم الإبلاغ عن 748 إصابة بين ذلك التاريخ والخامس والعشرين من آذار الماضي، من بينها أكثر من 500 إصابة منذ الأول من كانون الثاني الماضي فقط، مقارنة بـ 912 إصابة تم تسجيلها طوال عام 2024.
وأوضح ساكاليان أن التطورات التي شهدتها سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية أدت إلى الارتفاع الأخير في عدد الضحايا ، فقد أدى وجود المركبات العسكرية المهجورة التي قد تكون محملة بالذخائر أو المتفجرات ومخزونات الذخائر المهملة، إلى زيادة تعرض المدنيين للخطر، مضيفاً بأن الألغام والذخائر المتفجرة حصدت أرواح الأطفال أثناء اللعب في درعا وحماة، كما أصيبت النساء أثناء جمع الحطب أو الخردة المعدنية في دير الزور وإدلب، وتعرض المزارعون للإصابات أثناء العمل في أراضيهم في دوما.
لفت ساكاليان إلى إنه في ظل غياب برنامج شامل لمكافحة الألغام في سوريا، لجأ المواطنون بشكل متزايد إلى محاولة إزالة المتفجرات بأنفسهم، في غياب الخبراء المؤهلين، ما يعرضهم لمخاطر جسيمة، مضيفاً بأن الأزمة الاقتصادية دفعت المزيد من الأشخاص إلى جمع الخردة المعدنية، بما في ذلك بقايا الأسلحة والمتفجرات من المواقع المهجورة، وبيعها لكسب لقمة العيش
بسبب انتشار التلوث بالأسلحة، تواجه المجتمعات في العديد من المناطق صعوبات في الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والاحتياجات الأساسية؛ بسبب الخوف من التنقل في المناطق المتأثرة، كما يخشى المزارعون زراعة أراضيهم أو تربية المواشي، ما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وفقاً لساكاليان، موضحاً بأن أكثر من نصف سكان سوريا يواجهون مخاطر مميتة يومياً، ويُعد الأطفال الأكثر عرضة للخطر، حيث إن واحداً من كل ثلاث ضحايا للذخائر المتفجرة هو طفل، ولكن تأثير هذه المشكلة يمتد إلى ما هو أبعد من التهديد الجسدي المباشر بفقدان الحياة أو أحد الأطراف.
ولمنع المزيد من المآسي وتوفير الموارد المالية والمعدات لإزالة الذخائر غير المنفجرة وتوعية المجتمعات بكيفية حماية أنفسهم، أكد ساكاليان على ضرورة تسليط الضوء على خطورة الوضع وتوسيع نطاق التوعية بالمخاطر، وتعزيز سبل العيش الآمنة وزيادة جهود إزالة الألغام.
في مراكز الهلال الأحمر أو وزارة الصحة المدعومة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تلقى 138 شخصاً من المتضررين من الذخائر المتفجرة إعادة تأهيل جسدي ودعماً نفسياً واجتماعياً، مجاناً، وفقاً لما بيّنه ساكاليان كما تمت إحالة 18 شخصاً لتلقي مزيد من الرعاية الطبية، وحصل 381 شخصاً على مساعدات إنسانية، لمساعدتهم على استعادة حياة كريمة ومستقلة قدر الإمكان.
يجب على جميع الجهات الفاعلة في مجال مكافحة الألغام بما في ذلك السلطات في سوريا، دعم منظمات مكافحة الألغام والعمل بشكل جماعي نحو تطوير هيئة وطنية لمكافحة الألغام وإنشاء مركز وطني لمكافحة الألغام، مؤكداً على التزام اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري، بتخفيف المعاناة الناجمة عن الذخائر المتفجرة في سوريا.
وفقاً لقرار الجمعية العامة الصادر بتاريخ الـ 8 من كانون الأول لعام 2005، تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام في الرابع من شهر نيسان من كل عام.
رولا أحمد _دمشق _أخبار الشام
Sham-news.info