في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، حلل الخبير السياسي حسام طالب التطورات الأخيرة في العلاقات السورية التركية، معتبراً أن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أنقرة وزيارة وزير الخارجية التركي هاغان فيدان إلى موسكو تمثلان تحولاً استراتيجياً في الملف الإقليمي.
أكد طالب أن تركيا باتت الحليف الأقرب لسورية نظراً للجغرافيا المشتركة والملفات المتشابكة بين البلدين، لاسيما قضية الأكراد وملف قسد وحزب العمال الكردستاني، بالإضافة إلى قضايا مكافحة الإرهاب والربط الكهربائي ومشاريع الطاقة. وأشار إلى أن تركيا شكلت خلال السنوات الماضية منفذاً حيوياً لسورية في مواجهة الحصار والعقوبات، مما يجعل هذه الزيارات استمراراً طبيعياً لمسار بدأ يتشكل منذ فترة.
وفي قراءته للسياسة الخارجية السورية الجديدة، أوضح طالب أن دمشق تتبنى نهجاً متوازناً يهدف إلى تعزيز العلاقات مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية دون التفريط بأي من التحالفات القائمة. وأشار إلى أن الرئيس الشرع يسعى لخلق توازن دقيق في العلاقات مع كل من تركيا والسعودية من جهة، وبين الولايات المتحدة وروسيا من جهة أخرى.
توقف طالب عند ملف الطاقة بين سورية وتركيا، مؤكداً أن اختيار دمشق للغاز التركي جاء بناء على اعتبارات عملية بحتة تراعي المصلحة الوطنية. وأوضح أن العقود الثلاثة المطروحة (قطر، مصر، تركيا) خضعت لتقييم دقيق، حيث تفوق العرض التركي من حيث سرعة التنفيذ والتكلفة، مما يخدم احتياجات الشعب السوري الملحة في مجال الكهرباء.
حول الملف الأمني، أكد الخبير السياسي أن الموقف السوري والتركي متقارب بشأن رفض أي كيان انفصالي على الحدود. وأشار إلى أن عملية دمج قوات سورية الديمقراطية في الجيش السوري تمثل أولوية للطرفين، خاصة بعد حل حزب العمال الكردستاني وخروج عناصره من سورية. واعتبر أن هذا التوجه يخدم الاستقرار الإقليمي ويمنع أي ذريعة للتدخلات الخارجية.
حذر طالب من محاولات بعض الأطراف عرقلة عملية الاستقرار في سورية، مشيراً إلى أن إسرائيل وإيران تمثلان التحدي الأكبر في هذا المجال. وأوضح أن تل أبيب تسعى للحفاظ على مصادر ضغط على دمشق، بينما تبدو طهران قلقة من نجاح النموذج السوري في تحقيق المصالحة الوطنية.
من جهة أخرى، أشاد بالتحول الإيجابي في الموقف التركي الذي انتقل من منطق الوصاية إلى منطق الشراكة، معتبراً أن أنقرة أدركت أن التعامل مع حكومة شرعية في دمشق أكثر فائدة من التعامل مع فصائل متناحرة.
اختتم طالب حديثه بالتركيز على أهمية تبني سياسة خارجية تقوم على المصالح الملموسة بدلاً من الخطابات الشعبوية. وأشاد بالنهج العملي الذي تتبناه الحكومة السورية في تعاملها مع الملفات الدولية، والذي أثبت جدواه من خلال رفع العقوبات واستعادة سورية لمكانتها الإقليمية.
وأكد أن الدرس المستفاد من التجارب الإقليمية يؤكد أن التحالفات المتينة القائمة على المصالح المتبادلة هي الضمانة الحقيقية لتحقيق الاستقرار، بعيداً عن الخطابات الرنّانة التي لا تحقق سوى المزيد من التدهور.