في حوار شامل مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، كشف الباحث والمحلل السياسي مصطفى النعيمي النقاب عن معالم الرؤية الاستراتيجية الجديدة للسياسة الخارجية السورية، والتي تشهد تحولاً جذرياً في منهجيتها وأدواتها منذ تولي الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مقاليد القيادة. وأوضح النعيمي أن هذه السياسة تقوم على ركيزتين أساسيتين: تصفير العداء مع دول الجوار، وبناء تحالفات إقليمية ودولية متوازنة تخدم المصالح الوطنية العليا لسورية.
تطرق النعيمي إلى الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية أسعد الشيباني إلى العراق، والتي جاءت في إطار سلسلة من اللقاءات والزيارات المكوكية التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع دول الجوار. وأشار إلى أن هذه الزيارة حملت أبعاداً أمنية واقتصادية وعسكرية بالغة الأهمية، حيث تم بحث سبل تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى بحث آفاق التعاون الاقتصادي وفتح معابر تجارية جديدة بين البلدين. كما لفت النعيمي إلى أن هذه الزيارة هدفت أيضاً إلى تحييد أي محاولات لاختراق المكونات الموالية لإيران للمشهد السوري، وذلك في إطار السياسة الجديدة الرامية إلى تصفير العداء مع جميع الأطراف الإقليمية.
على صعيد التعاون الاقتصادي، سلط النعيمي الضوء على الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين سورية وقطر، والتي تشهد تطوراً ملحوظاً في المجال المصرفي والمالي. وأوضح أن الجانبين يعملان على إنشاء بنوك مشتركة وإقامة نظام للتبادل المالي خارج نطاق نظام سويفت الدولي، مع إمكانية استخدام قطر كبوابة للتعاملات المالية الدولية في المستقبل. كما أشار إلى أن المرحلة الأولى من هذا التعاون ستشهد استخدام الريال القطري في المعاملات، يليها الدولار الأمريكي واليورو، مما سيسهم في تعزيز السيولة النقدية وتنشيط الحركة الاقتصادية في سورية.
فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، أكد النعيمي أن الحكومة السورية تبذل جهوداً حثيثة لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، مشيراً إلى الانتظام الملحوظ في صرف الرواتب وتحسن الخدمات الأساسية. ولفت إلى أن هذه الإجراءات تساهم بشكل فعال في تجاوز الخلافات بين المكونات السورية المختلفة، وتوطيد أواصر الثقة بين المواطن والدولة. كما تطرق إلى ملف المقاتلين الأجانب، موضحاً أن التعامل مع هذا الملف الحساس يتم وفق تفاهمات دولية تهدف إلى احتواء الأزمات في المنطقة، مع الحفاظ على الأمن القومي السوري.
في محور آخر، تناول النعيمي بالتفصيل ملف التفاوض مع قوات سورية الديمقراطية، مشيراً إلى أن المفاوضات ما زالت مستمرة رغم وجود نقاط خلافية جوهرية. وأوضح أن أبرز هذه الخلافات يتمثل في إصرار قوات سورية الديمقراطية على الاحتفاظ بكتلة عسكرية منفصلة، وهو ما ترفضه الحكومة السورية جملة وتفصيلاً. وحذر النعيمي من مخاطر هذا الموقف، مستشهداً بالتجربة العراقية المريرة مع نظام المحاصصة الطائفية الذي أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي. وأكد أن الجيش الوطني يجب أن يظل مؤسسة موحدة تضم جميع السوريين دون تمييز، وأن أي محاولة لإنشاء كيانات عسكرية منفصلة تشكل خطراً داهماً على الوحدة الوطنية.
ختاماً، شدد النعيمي على أن استعادة الدولة السيطرة الكاملة على كامل الجغرافيا السورية تشكل المدخل الأساسي لتحقيق الاستقرار وإطلاق عملية إعادة الإعمار الشاملة. وأكد أن المرحلة الحالية تتطلب حكمة وصبراً في اتخاذ القرارات، مع ضرورة إجراء مراجعات شاملة على المستويين الإنساني والمجتمعي لمعالجة آثار الماضي وبناء مستقبل أفضل لجميع السوريين. كما دعا إلى تعزيز الوحدة الوطنية ورفع مستوى الوعي المجتمعي، بما يمكن سورية من تجاوز التحديات الراهنة والانطلاق نحو آفاق جديدة من التقدم والازدهار.