في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم، حلل الدكتور محمود عبد السلام الخبير العسكري والاستراتيجي التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، مشيراً إلى أن الضربات المتبادلة بين الطرفين تأتي في وقت تجري فيه مفاوضات بين واشنطن وطهران حول الملف النووي. وأكد أن التوقيت المشبوه للضربات الإسرائيلية يشير إلى محاولة لاستباق نتائج هذه المفاوضات سواء في حال نجاحها أو فشلها.
أوضح عبد السلام أن إسرائيل عاجزة عن تنفيذ مثل هذه الضربات بشكل منفرد دون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، مستنداً في تحليله إلى معطيات عسكرية دقيقة. وأشار إلى الفارق الكبير في القدرات بين الطرفين، حيث تبلغ مساحة إيران 1.6 مليون كيلومتر مربع مقابل 22 ألف كيلومتر مربع للكيان الإسرائيلي، مع تفوق سكاني إيراني واضح. كما تطرق إلى التحديات اللوجستية التي تواجه الطيران الإسرائيلي بسبب المسافة الكبيرة بين البلدين التي تتجاوز 2000 كم، مما يتطلب عمليات تزويد بالوقود في الجو مرتين على الأقل لكل طائرة.
في سياق متصل، كشف عبد السلام عن الأدلة التي تثبت تورط الولايات المتحدة في الضربات، مشيراً إلى أن الطائرات الإسرائيلية استفادت من أنظمة التشويش الأمريكية على الرادارات الإيرانية، كما حصلت على غطاء جوي من طائرات مقاتلة أمريكية. وأضاف أن واشنطن مارست خداعاً ممنهجاً عبر التضليل الإعلامي وتمرير معلومات مغلوطة عن موعد الضربات، في محاولة لتهدئة الجانب الإيراني وإبعاد الشبهات عن نفسها.
حول الأهداف الاستراتيجية للضربات، بين عبد السلام أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية: إضعاف القدرات العسكرية والنووية الإيرانية، استهداف قيادات الحرس الثوري والعلماء، وتدمير منظومات الدفاع الجوي. لكنه استبعد قدرة تل أبيب على إسقاط النظام الإيراني أو القضاء كلياً على برنامجه النووي دون تدخل أمريكي مباشر، نظراً لضخامة البنية التحتية الإيرانية وتنوع مواقعها المحصنة.
فيما يخص الرد الإيراني، لفت عبد السلام إلى أن التأخير في الرد يعكس حالة من الارتباك والتخبط في صنع القرار بطهران. وأكد أن إيران تواجه معضلة كبيرة، حيث أن أي رد غير محسوب قد يجرها إلى مواجهة مفتوحة مع التحالف الغربي، بينما عدم الرد أو الرد الضعيف سيؤدي إلى فقدان المصداقية الإقليمية والدولية. وأشار إلى أن طهران تمتلك قدرات صاروخية قادرة على تدمير إسرائيل، لكنها تفضل حتى الآن الرد المحدد والمنضبط الذي لا يعطي ذريعة للتدخل الدولي.
اختتم عبد السلام حديثه بالتأكيد على أن المنطقة تدخل مرحلة خطيرة قد تتحول فيها المواجهة إلى حرب إقليمية شاملة، خاصة مع احتمالية انخراط القوى الكبرى بشكل مباشر في الصراع. وحذر من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى كوارث إنسانية كبيرة، داعياً الأطراف المعنية إلى ضبط النفس واللجوء إلى الحلول السياسية بدلاً من العسكرية.