شهدت محافظة السويداء أحداثاً دامية أسفرت عن سقوط أكثر من 1300 مدني، بعد اقتحام مجموعات مسلحة للمدينة مساء 16 تموز الماضي، مما أثار تساؤلات حول دوافع هذه الأحداث وارتباطاتها الإقليمية. في هذا السياق، تناول الأستاذ المحامي محمود مرعي، أمين عام جبهة الديمقراطية السورية، أبعاد هذه الأزمة خلال حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم.
أكد مرعي أن إسرائيل تمتلك مشروعاً واضحاً للجنوب السوري يمتد من القنيطرة إلى درعا والسويداء، وصولاً إلى شمال شرق سوريا، فيما يعرف بمشروع “ممر داوود” الذي يهدف لربط إسرائيل بالأكراد عبر البادية السورية. وأوضح أن هذا المشروع يتطلب منطقة خالية من السلاح ومن وجود الجيش السوري، مع احتمال تطوره إلى احتلال فعلي كجزء من الحلم الصهيوني الممتد من الفرات إلى النيل.
كشف مرعي عن وجود اتصالات بين بعض رجال الدين في المنطقة والقيادات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الأحداث بدأت بحادثة خطف تاجر من قبل عصابات مسلحة، ثم تحولت إلى مواجهات دامية بعد تدخل خارجي. وأضاف: “استغلت إسرائيل الأحداث لتعزيز نفوذها، تماماً كما حدث سابقاً عندما كانت تدعم تنظيمات معينة في الجنوب وتستقبل جرحاها في مستشفياتها”.
فيما يتعلق بموضوع الحماية الدولية، اعتبر مرعي أي اتصال مع الجانب الإسرائيلي أمراً غير مبرر، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن العنف ضد المدنيين بكل أشكاله مرفوض. ودعا إلى حل الأزمة عبر حوار وطني شامل يضمن حقوق جميع المكونات، معرباً عن أسفه لطريقة تعامل الأطراف مع الأزمة التي اعتمدت على القوة بدلاً من الحكمة.
أشار مرعي إلى خطورة الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار الذي تم بوساطة أمريكية-أردنية مع إسرائيل، معتبراً إياه انتهاكاً للسيادة السورية. وتساءل: “كيف توافق الحكومة على مثل هذا الاتفاق مع طرف دمر 80-90% من قدرات الجيش السوري؟”
في الختام، دعا مرعي إلى عقد مؤتمر حوار وطني حقيقي يضم جميع المكونات السورية، مؤكداً أن الحل العسكري لن يجلب إلا المزيد من الضحايا. وحذر من أن استمرار نهج الإقصاء والاستبعاد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، معرباً عن أمله في الانتقال من “عقل الفصائل” إلى “عقل الدولة” لضمان مستقبل سوريا الموحدة.
يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن سوريا من تجاوز هذه المحنة عبر الحوار الشامل، أم ستظل ساحة للصراعات الداخلية والخارجية؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المرحلة المقبلة في البلاد.