
في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى معالجة آثار المرحلة السابقة في سوريا وبناء مستقبل أكثر استقراراً، برزت محافظة اللاذقية كمحطة مهمة في مسار الحوار حول العدالة الانتقالية ودورها في ترسيخ السلم الأهلي. فقد شكّل اللقاء الذي جمع محافظ اللاذقية السيد محمد عثمان مع رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية السيد عبد الباسط عبد اللطيف، بحضور عدد من المسؤولين وأبناء المحافظة، مساحة تفاعلية لبحث سبل تحقيق العدالة والمصالحة المجتمعية، وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع.
تركز النقاش خلال الاجتماع الموسّع على مفهوم العدالة الانتقالية باعتباره مدخلاً أساسياً لمعالجة الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عن معاناة السوريين، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، بما يفتح الطريق أمام بناء السلام والاستقرار.
وأكد المشاركون أن العدالة لا تقتصر على الإجراءات القانونية فحسب، بل تشمل أيضاً البعد الإنساني والاجتماعي، من خلال الاستماع إلى المتضررين، والاعتراف بآلامهم، والعمل على تضميد الجراح التي خلّفتها سنوات الأزمة. كما جرى التأكيد على أن الحوار المجتمعي الصادق يمثل ركيزة أساسية لتجاوز الانقسامات، وبناء أرضية مشتركة قائمة على سيادة القانون واحترام التنوع.

وكان قد استقبل محافظ اللاذقية رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والوفد المرافق له، حيث تم استعراض مهام الهيئة وإنجازاتها في مجال تعزيز السلم الأهلي وترسيخ مبادئ العدالة والمصالحة. وتناول الحديث الجهود المبذولة في توثيق الملفات، واستقبال الشكاوى، والسعي إلى إيجاد حلول عادلة ومنصفة ضمن الأطر القانونية والوطنية، بما يضمن حماية الحقوق وعدم تكرار الانتهاكات. وأوضح رئيس الهيئة أن نجاح عملها يتطلب تعاوناً وثيقاً مع السلطات المحلية، لما لذلك من دور في تسهيل الوصول إلى المواطنين وتعزيز فاعلية الإجراءات على مستوى المحافظات.
من جهته، شدد محافظ اللاذقية على التزام المحافظة بدعم عمل الهيئة، معتبراً أن دورها يشكل عاملاً محورياً في تعزيز الثقة المجتمعية وتهيئة بيئة مستقرة تشجع على التنمية. وأكد أن العدالة والمصالحة ليستا خياراً ثانوياً، بل ضرورة وطنية لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة.

يعكس هذا اللقاء أهمية التنسيق المستمر بين المؤسسات الحكومية والهيئات الوطنية، ويؤكد أن مسار العدالة الانتقالية يشكل خطوة أساسية نحو إعادة بناء النسيج الاجتماعي، وتعزيز التماسك الوطني، والانطلاق نحو مرحلة جديدة قوامها العدالة والاستقرار والسلام المستدام.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info

