في خضم التصعيد المتواصل في أوكرانيا، تطفو على السطح تفاهمات خفية بين واشنطن وموسكو قد تُعيد تعريف التحالفات الإقليمية وتوازنات القوى في أوروبا. وفي حوار معمق لشبكة شام نيوز إنفو مع الباحث السياسي مصطفى النعيمي على هواء إذاعة فيرجن إف إم، تم كشف النقاب عن هذه التفاهمات واستراتيجيات “التفكيك الذكي” التي تتبعها الولايات المتحدة.
يرى النعيمي أن واشنطن تتبنى استراتيجية “إشغال الخصوم بصراعات جانبية” لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، حيث تدفع حلفاءها الأوروبيين لتحمل الأعباء العسكرية والمالية بدلاً من الانخراط مباشرة في المواجهات. ويكشف أن ألمانيا زادت إنفاقها العسكري بنسبة 400% لتصل إلى 380 مليار يورو، فيما رفعت بريطانيا ميزانيتها الدفاعية إلى 2.5% من الناتج المحلي، بينما تعمل فرنسا على تعزيز قدراتها النووية التكتيكية.
على الصعيد الأوكراني، يحلل النعيمي أن الضغوط الأمريكية على زيلينسكي لقبول حل تفاوضي تأتي بعد تقييم واقعي لفشل الهجوم المضاد الأوكراني وخسارة 85% من المعدات الغربية. ويشير إلى أن المسيرات البريطانية من طراز “بريستل” التي استهدفت موسكو كانت جزءاً من استراتيجية “الضغط الذكي” لدفع روسيا نحو طاولة المفاوضات بشروط تخدم المصالح الغربية.
في الإطار البولندي، يكشف التحليل أن تصعيد وارسو ضد روسيا وبيلاروسيا يمثل محاولة لخلق “جبهة ثانية” تعوض التراجع الأوكراني، حيث نشرت بولندا 20,000 جندي على الحدود البيلاروسية واشترت منظومات صواريخ “باتريوت” بقيمة 4.5 مليار دولار. لكن النعيمي يحذر من أن هذا التصعيد قد يخرج عن السيطرة، خاصة مع تزايد النفوذ العسكري البولندي في المنطقة.
ختاماً، يؤكد النعيمي أن الاستراتيجية الأمريكية تهدف لـ”تفكيك روسيا عبر الإرهاق الاقتصادي” حيث تكبدت موسكو خسائر تقدر بـ900 مليار دولار بسبب العقوبات، بينما تعمل واشنطن على تحويل أوروبا إلى “قوة دفاع ذاتي” تتيح لها التفرغ للمواجهة مع الصين. ويبقى السؤال المحوري: هل ستنجح هذه الاستراتيجية المعقدة في إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية دون انفجار الوضع في أوروبا؟ الإجابة ستحدد مصير القارة العجوز لعقود قادمة.