علاقات متجذرة ومصالح مشتركة، جمعت روسيا الاتحادية مع الدولة السورية منذ خمسينيات القرن الماضي، لترسم حقبة تاريخية بين الطرفين تجلت بشكل واضح خلال العقد الأخير من الزمن في منطقة الشرق الأوسط.
أولويات
لا شك أن لكل دولة أولويات تحديد نمط علاقتها بالدول الأخرى، لناحية تحقيق المكاسب عل كافة الأصعدة، إضافة لتكوين قوى قادرة على مواجهة أي ما تعتبره “عدو” أو تدخلات لا ترغب بها أياً كان نوعها، وهذه أمور وأولويات مشتركة بين سورية وروسيا، واتف الطرفان عليها منذ ما يعرف بالاتحاد السوفياتي، لتتحول إلى شراكة استراتيجية.
حول هذه الشراكة منذ البدايات، نتحدث مع مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد، الذي أكد لمراسلنا أن الطرفين يعملان على الشراكة الاستراتيجية والعمل على “منظومة أمن إقليمي” بالمنطقة بشكل عام.
البدايات
ذكر الأحمد أن الحديث عن العلاقات السورية الروسية لابد أن يأخذنا بعجالة إلى نوع من الجذور التاريخية خاصة حين نعلم بأن مدينة سان بطرسبورغ تسمى في روسيا تدمر الشمال “بالميرا الشمال”، إضافة للتاريخ الذي يعيدنا إلى أن اختيار الديانة الارثوذكسية التي اتخذها القياصرة كانت البعثة التي تختار الديانة قد ذهبت إلى دمشق واختارت الارثوذكسية وقد كانت لتختار أيضا بينها وبين الإسلام، وأن البطركية الأرثوذكسية المشرقية السورية، أو الانطاكية هي تعتبر بطركية لعموم روسيا كما لسورية وباقي العالم، أما فيما بين روسيا الاتحاد السوفيتي أي الدولة الأكبر في الاتحاد السوفيتي السابق وسورية.
وأردف بأن العلاقات بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي وتطورت في حقبة حكومة خالد العظم الذي كان قد وطد العلاقات مع الاتحاد السوفيتي رغم أنه ينتمي إلى الطبقة البرجوازية ولكن ذهب إلى الاتحاد السوفيتي لأنه عرف بأن هناك فرقاً ما بين الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت والدول الغربية من ناحية التسليح وأراد أن يسلح الجيش السوري ثم إلى الحكومات الاشتراكية المتعاقبة وأهمها حكومة حزب البعث العربي الاشتراكي التي ازدادت العلاقات وقتها وتوطدت وصولاً إلى الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي وطد هذه العلاقة بشكل كبير، وكان هناك علاقة شراكة استراتيجية وعسكرية توّجت عام 1980 بوثيقة دفاع مشترك بين سورية وروسيا.
الأحمد وهو عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي، أشار إلى وجود مفصل هام جداً حين فقد الجيش السوري أهم أسلحته في الحرب ضد العدو الاسرائيلي على أرض لبنان، وقام الرئيس الراحل أندرو بوف الذي كان قد حكم لفترة قصيرة جداً، لكنه قام بفتح مخازن الجيش السوفيتي – بعملية أشبه بالتزويد وليس البيع – للجيش السوري ورفده بما ينقصه من عتاد عسكري.
علاقات دافئة
السياسي السوري تابع بأنه حول ملف الحرب ضد الإرهاب في سورية، كان الاهتمام الروسي بمساندة سورية واضح بمنع سقوط الدولة السورية، وقال: كنا نلتقي الساسة الروس منذ عام 2012، ومنهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، و نائب وزير الخارجية الروسي و مبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق ميخائيل بوغدانوف، ولطالما كان الاهتمام الروسي بعدم سقوط الحكم في سورية ليس عاطفياً إنما عن قناعة بالوقوف بوجه الغرب وبعض الدول العربية التي كانت قد فتحت حدودها لتدفق الإرهابيين إلى سورية من مختلف بقاع الأرض.
ونوّه السياسي السوري بوقوف روسيا والصين في وجه القوى الغربية ورفع الفيتو المزدوج عدة مرات، والفيتو الروسي أكثر من 13 مرة، بدلالة واضحة وإشارة سياسية على مجابهة الغرب على الأرض السورية، معتبراً أن القارات التاريخية تعود إلى زمن قيصرة روسيا كاترينا الثالثة التي كانت تعتبر أن روسيا المتجمدة بحاجة لمياه دافئة لتستقر، وربما تكون المياه السورية “البحر المتوسط” موطئ قدم لهذه الغاية، مردفاً بالقول: لذا نجد أن روسيا مهتمة تاريخياً باستقرار سورية وضمان أمانها بشكل عام.
اللاذقية – عبير محمود – أخبار الشام