الذكرى الرابعة لحرق الاحتلال الأميركي حقول القمح في سورية
تمر هذه الأيام الذكرى الرابعة لإحدى الجرائم البشعة التي أقدمت قوات الاحتلال الأميركي على ارتكابها بحق الشعب السوري.
فهذا الشعب عموماً، وسكان محافظة الحسكة خصوصاً، لا يمكن أن ينسوا ما جرى في السابع عشر من أيار، ولن يُمحى من ذاكرتهم إلى الأبد.
ففي مثل هذه الأيام من عام 2020، استخدمت قوات الاحتلال الأميركي طائرات “الأباتشي” لإسقاط بالونات حرارية على حقول القمح في محافظة الحسكة بهدف إحراقها، وذلك في جريمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية. أثبتت من خلالها الولايات المتحدة الأميركية، أنها دولة فاجرة مارقة، لا تحترم القانون الدولي، ولا تعير الشأن الإنساني أي أهمية. ولا تتورع عن ممارسة الإرهاب دون خوف أو وجل، من أجل فرض سيطرتها على الشعوب والدول.
مروحيات “الأباتشي” الأميركية تسقط في منتصف أيار 2020 بالونات حرارية على حقول القمح لإحراقها
ففي وضح النهار يوم السابع عشر من أيار 2020 حلقت طائرات أميركية من نوع مروحيات “الأباتشي”، فوق الحقول الزراعية في عدد من المناطق السورية، ومنها محافظة الحسكة، وقامت على مرأى ومسمع من الجميع، بإسقاط بالونات حرارية على حقول القمح في عدد من القرى، من أجل إحراقها.
تفاصيل الجريمة
تفاصيل هذا العدوان الإرهابي السافر من قبل قوات الاحتلال الأميركي، يرويها مدير الزراعة في الحسكة المهندس علي خلوف الجاسم، إذ يبيّن أنه في 17 أيار/مايو 2020 قامت مروحيتان من نوع “أباتشي” تابعتان لقوات الاحتلال الأميركي، برمي عدد من البالونات الحرارية أثناء طيرانها على ارتفاع منخفض، ومسافة قريبة من الأرض في قرى “الحويش الشمالي، وأم غدير، والجويسمية، والجعيلية، وتل الشاير الخاتونية” الواقعة بين بلدتي بئر الحلو الوردية (تل براك) شمال الحسكة، والهول شرق الحسكة، ما تسبب باشتعال النيران في حقول محصولي القمح والشعير الجاهزين للحصاد.
كما أقدمت طائرات أميركية في نفس اليوم على حرق 200 دونم من القمح في قرية عدلة في ريف الشدادي جنوب الحسكة.
وبيّن الجاسم أن مساحة الحقول الزراعية التي أحرِقَت محاصيلها، يوم 17 أيار/مايو 2020، بسبب البالونات الحرارية المُسقَطَة بواسطة طائرات “الأباتشي” الأميركية، تجاوزت الـ 300 هكتار، تتوزع على أرياف محافظات حلب والرقة والحسكة.
ملاحظات مهمة
ويتحدث الجاسم عن وجود العديد من الملاحظات المهمة حول هذه الجريمة. أولى هذه الملاحظات أنها وقعت في الوقت الذي شارفت فيه حقول القمح والشعير في مناطق محافظة الحسكة على النضج، وقبيل بدء عمليات الحصاد والتسويق لمنتجات تلك الحقول، ما يؤكد أن الموعد المحدد لتلك الجريمة كان مدروساً بعناية من قبل قوات الاحتلال الأميركي، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التي تريد هذه القوات تحقيقها من وراء ارتكاب تلك الجريمة البشعة، وهي الحيلولة بين الشعب السوري والاستفادة من إنتاج تلك الحقول من جهة، ومنعه من تسليم هذا الإنتاج للحكومة السورية من جهة ثانية.
موقع (انترناشونال بزنس تايمز) : الطائرات الأميركية كانت تنفذ أوامر البيت الأبيض
ويضيف: وثمة ملاحظة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن قوات الاحتلال الأميركي أقدمت على ارتكاب تلك الجريمة بشكل متعمد وعن سابق إصرار وتصميم، وبشكل علني، نهاراً جهاراً. على مرأى ومسمع سكان المحافظة، الأمر الذي يؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية لا تأخذ ردود الأفعال على الجرائم التي ترتكبها على محمل الجد، وغير آبهة بالرأي العام المحلي والدولي.
رغم أن ردود الأفعال على هذه الجريمة كانت خجولة، ولا ترقى إلى مستوى تداعياتها. حيث اكتفى مسؤولون في الأمم المتحدة بالإعراب عن قلقهم من أن هذا “التصرف الأميركي الأحمق قد يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي لسكان المنطقة”.
اعتراف صريح وواضح
ويذكر الجاسم ملاحظة أخرى على هذه الجريمة، وهي اعتراف الولايات المتحدة الأميركية الصريح والواضح بارتكابها. مبيناً أن مصادر أميركية مطلعة أكدت أن إحراق تلك المحاصيل نفذته قوات الاحتلال الأميركي بناء على أوامر أصدرها الرئيس دونالد ترامب.
ويشير إلى أن تقارير إعلامية، تحدثت عن هذه الجريمة، أبرزها تقرير إعلامي دولي نشره موقع (انترناشونال بزنس تايمز) الإخباري بنسخته الصادرة في سنغافورة، بعد عدة أيام على إقدام قوات الاحتلال الأميركي على ارتكاب تلك الجريمة.
هدف الجريمة إفقار أصحاب الأرض وإجبارهم على العمل مع قوات الاحتلال ومرتزقتها
ذكر فيه: (إن قوات الاحتلال الأميركي قامت بحرق حقول القمح والشعير في الأراضي السورية، من خلال قيام طائرات مروحية من نوع “أباتشي” بالطيران على ارتفاع منخفض فوق تلك الحقول، ورمي بالونات حرارية عليها، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها).
وأكد الموقع في تقريره أن (قوات الاحتلال الأميركي كانت تنفذ أوامر أقرها البيت الأبيض، حيث قام الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً بتوقيع أوامر بحرق الحقول الزراعية في سورية).
وجهان لعملة واحدة
وتابع الجاسم: وبالتوازي مع هذه الجرائم العدوانية التي جرت وتجري في شمال الحسكة وجنوبها، أقدمت قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها، على ارتكاب جرائم مماثلة في شمال غرب المحافظة. ما يؤكد أن الاحتلالين الأميركي والتركي وجهان لعملة واحدة، ولا فرق بينهما قيد أنملة.
فقد أقدمت قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها على إشعال النيران في حقول القمح والشعير الموجودة في عدد من قرى بلدتي تل تمر وأبو راسين في ريف الحسكة الشمالي الغربي. وقضت النيران على إنتاج نحو 20 ألف دونم من هذه الحقول، عدا عن إقدام تلك القوات ومرتزقتها على استهداف الحقول بقذائف الهاون، كما فعلوا في قرى أم الكيف والدردارة والطويلة في ريف تل تمر، وفي قرى المناجير والأهراس والعامرية وتل عطاش وعرات أبو بكر التابعة لمنطقة رأس العين المحتلة، ما أدى إلى إحراق إنتاج آلاف الدونمات أيضاً.
حرق حقول الجمعيات الفلاحية
ويؤكد رئيس اتحاد فلاحي المحافظة عبد الحميد الكركو، أن قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها، أقدمت على إضرام النيران بشكل متعمد في الحقول العائدة للجمعيات التعاونية الفلاحية، بذريعة أن هذه الجمعيات تابعة للقيادة السورية، وهي من قامت بإنشائها، وبالتالي فهي حتماً مؤيدة لهذه القيادة. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، تـُقـْدِم تلك القوات ومرتزقتها على ارتكاب تلك الجرائم بحق الجمعيات التعاونية الفلاحية، لأنها تعلم علم اليقين أن تلك الجمعيات ستقوم بتسويق إنتاج حقولها من محصول القمح إلى مراكز الشراء التابعة للمؤسسة السورية للحبوب، وهذا ما لا تريده تلك القوات ومرتزقتها. ومن الأمثلة على ذلك قيام قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها بحرق الحقول الزراعية العائدة لجمعية المثنى التعاونية الفلاحية، إضافة إلى حرق محاصيل تقدر بآلاف الهكتارات في عدد من القرى الواقعة في غرب ناحية أبو راسين وباب الخير وقبر الشيخ حسين ولزاقة ومريكيز وأم عشبة وباب الفرج وأم حرملة ودادا عبدال والنويحات والأسدية التابعة لريف منطقة رأس العين المحتلة شمال غرب المحافظة.
إفراغ السلة السورية
ويشدد الكركو على أن إحراق المحاصيل الزراعية في الجزيرة السورية، وسرقتها من قبل قوات الاحتلالين الأميركي والتركي ومرتزقتهما، وخاصة محصول القمح، إنما يتم بهدف إفراغ السلة السورية من خيراتها، في إطار حرب اقتصادية وتجويع ظالم يمارس ضد الشعب السوري ودولته، بعد فشل تلك القوات وأدواتها من الإرهابيين في حربهم العدوانية.
الجريمة وقعت لإفراغ السلة السورية من خيراتها في إطار حرب التجويع ضد الشعب السوري
ويلفت إلى أن الهدف المباشر من ارتكاب تلك الجرائم، هو إفقار أصحاب الأرض من السكان المحليين، وإجبارهم تحت ضغط الحاجة والفاقة على العمل مع قوات الاحتلال الأميركي والتركي، ولإرغامهم على الموافقة على إرسال أبنائهم للقتال في صفوف المجموعات المسلحة التي تدعمها تلك القوات، في ظل تنامي الرفض الشعبي لوجود قوات الاحتلال ومرتزقته في المنطقة. حيث اعترض الأهالي مئات المرات آليات ومدرعات الاحتلال الأميركي وتصدوا لها، وأجبروها على العودة إلى قواعدها غير الشرعية ونقاط احتلالها العسكرية التي أقامتها في مناطق عدة من الجزيرة السورية، من أجل إمدادها بالأسلحة والمعدات اللوجستية، عبر المعابر غير الشرعية مع شمال العراق، بهدف تعزيز وجودها لسرقة النفط السوري والمحاصيل الزراعية الرئيسة بالتعاون مع التنظيمات التي تدعمها.
جرائم حرب موصوفة
وختم الكركو حديثه بأن جريمة إحراق حقول القمح في سورية، التي ترتكبها قوات الاحتلالين الأميركي والتركي ومرتزقتهما، تأتي في سياق الحرب الإرهابية والاقتصادية ضد الشعب السوري، وهي مخطط معد مسبقاً وبأوامر مباشرة من القيادتين الأميركية والتركية.
ومن دون أدنى شك ترقى هذه الممارسات الأميركية_ التركية إلى مصافّ جرائم الحرب الموصوفة، كونها تـُعـَرّض مئات الآلاف من الأهالي إلى خطر السقوط في هوة الفقر والمجاعة، وتُقوّض جهود الدولة السورية في التخفيف من أعباء الحرب العدوانية والحصار الجائر الذي يفرضه الغرب بقيادة أميركية على سورية.