في حديث لشبكة شام نيوز إنفو، قدم المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي، المحامي الأستاذ نعيم أقبيق، قراءة وافية ومعمقة حول قرار محكمة الجنايات الدولية الهام بشأن وقف الحرب في رفح فوراً، عرض الأستاذ أقبيق الفارق بين محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، مسلطًا الضوء على اللبس الشائع بين المحكمتين.
وفقاً لما أوضحه المحامي نعيم اقبيق، تنص المادة 7 من ميثاق الأمم المتحدة على أن هيئات الأمم المتحدة تشمل: المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مجلس الوصاية، محكمة العدل الدولية، الأمانة العامة، ومجلس حقوق الإنسان. وأوضح اقبيق أن محكمة العدل الدولية هي الأداة القضائية الرئيسية في الأمم المتحدة وتقوم بعملها وفق نظامها الأساسي كما هو موضح في الفصل الرابع عشر من الميثاق، المادة 92. ويشير نص المادة 94 إلى أن كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة يتعهد بتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية.
وأشار اقبيق إلى أن محكمة العدل الدولية تتعامل فقط مع الدول، ولا يمكن للأفراد أو الكيانات غير الحكومية اللجوء إليها. كما أضاف أن أحداً لا يذهب إلى هذه المحكمة إلا بسبب خرق أو عدم التزام دولي، وتتضمن المادة 36 من نظام المحكمة أن الأطراف المتنازعة يمكنها تقديم قضاياها بناءً على طلب أحدها.
من جهة أخرى، تحدث اقبيق عن محكمة الجنايات الدولية التي تأسست بموجب نظام روما الذي تم توقيعه عام 1998. هذه المحكمة تختلف عن محكمة العدل الدولية بأنها محكمة تعهدية، أي أنها تحتاج إلى انضمام الدول لتكون قادرة على تطبيق أحكامها. وأوضح أن الدول التي لم تنضم إلى المحكمة لا يمكن أن تُفرض عليها قراراتها.
وأوضح اقبيق أن هناك اختلافاً جوهرياً بين اختصاصات المحكمتين، حيث أن محكمة الجنايات الدولية تختص بمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم دولية مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، بينما تختص محكمة العدل الدولية بالنزاعات بين الدول.
وأشار المحامي نعيم اقبيق إلى أن قرار محكمة العدل الدولية بوقف الحرب في رفح فوراً لم يكن قراراً بوقف إطلاق النار، لأن هذا النوع من القرارات يعتبر سياسياً ويصدر عن مجلس الأمن الدولي فقط. بل كان القرار بشأن اتخاذ تدابير مؤقتة لوقف الإبادة الجماعية بموجب المادة 41 من نظام المحكمة.
وحول إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت وعدد من قادة حركة حماس، اعتبر المحامي نعيم اقبيق أن محكمة الجنايات الدولية ارتكبت خطأً عندما ساوت بين الضحية والجلاد. واعتبر أن المحكمة لا يحق لها إدانة المقاومة لأنها تدافع عن أرض محتلة، وهذا حق مشروع يكفله القانون الدولي. وأوضح أن قطاع غزة وفق قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة هو أرض فلسطينية، وأن المناطق التي دخلها المقاومون خلال عملية “طوفان الأقصى” هي أراضٍ فلسطينية.
وأشار إلى أن قرار التقسيم يعتبر عمق الأراضي الفلسطينية بعمق 400 كيلومتر، ووفق اتفاقية الرهائن، فإن المادة 12 تنص على أنه يحق للدولة إذا كان فيها مقاومة مشروعة كالمقاومة الفلسطينية أن تأخذ رهائن وتساوم عليهم. وذكر أن هناك أكثر من 14 ألف أسير فلسطيني محتجزين في إسرائيل، ما يعطي الحق لحركات المقاومة في أخذ رهائن من الدولة المستعمرة.
وأكد الأستاذ نعيم اقبيق أن المحكمة هي سلطة قضائية وليست سلطة سياسية، ولا تملك صلاحية إصدار قرار بوقف إطلاق النار. وبيّن أن قرار وقف إطلاق النار يصدر حصراً عن مجلس الأمن، وأن المحكمة مسؤولة عن تفسير وتطبيق الاتفاقيات الدولية والالتزام بالمادة 1 من نظامها الأساسي، الذي يفرض على المحكمة الاستجابة لأي طلب مقدم من دولة عضو.
في الختام، شدد المحامي نعيم اقبيق على أهمية فهم الفوارق بين المحاكم الدولية المختلفة، وعدم الخلط بينها، لضمان تحقيق العدالة الدولية وفهم الأطر القانونية التي تحكم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية.