إقبال جيد على ادخار الذهب ..
خبير اقتصادي التحويلات الخارجية لها دور أساسي في استثمار الذهب مع تراجع الاستثمار العقاري تنعكس حزمة التقلبات في الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية على الذهب والتي تؤثر بدورها في تحديد سعره يومياً بالسوق المحلية، ما رسخ في ذهن المواطن تخوفاً من فقدان مدخراته والالتفات نحو البحث عن ملاذ آمن لحفظها، فيتوجه إلى تحويلها لليرات ذهبية وهذا ما جعل محال بيع الذهب تشهد إقبالاً ملحوظاً عليها رغم الصعود المتغير يومياً لسعر غرام الذهب إضافة للشكوى من رسم الإنفاق الاستهلاكي المفروض بنسبة 1٪ على فاتورة شراء الذهب.
فبعد أن تخطى سعر الغرام عيار 21 الشائع في تداولات المواطنين مليون ليرة منذ أيام، انخفض واستقر حالياً على سعر 970 ألف ليرة، وليسجل سعر الأونصة 35 مليونًا و 300 ألف ليرة وسعر الليرة الذهبية 8 ملايين و 500 ألف ليرة.
ميزا: لا يوجد أي نقص وعدم توفر الليرات الذهبية لزوم الادخار ولم يتوقف بيعها لأي سبب
لا أرقام للمبيعات وكمية المشغولات
رئيس جمعية الصاغة في ريف دمشق رامز ميرزا في تصريحه لرأى أن حركة تداولات الذهب بيعاً وشراءً منخفضة نوعاً ما، متوقعاً أن تشتد خلال الصيف الحالي والمناسبات وأن أغلب الحالات اليوم تقتصر على شراء خاتم (محبس) للخطبة أو الزواج أو بيع شيء وشراء شيء آخر أو بيع قطعة لحاجة المواطن للمال، والحركة طفيفة بشكل عام وحجم المبيعات نسبياً يختلف من محل لآخر وبفترة الامتحانات من الطبيعي أن تخف الحركة حسب قوله.
وأشار إلى أن الجمعية لا تمتلك أرقاماً للمبيعات وكمية المشغولات المصنعة لعدم وجود دمغة في الجمعية التي يقتصر وجودها على جمعيتي دمشق وحلب، رغم أن أغلب ورشات التصنيع يتركز 80٪ منها في الريف، مؤكداً عدم توفر الذهب الخام محلياً أو استيراده إنما يعاد صياغة ما تم شراؤه من الذهب المستعمل من الزبائن، نافياً أي نقص وعدم توفر الليرات الذهبية لزوم الادخار أو توقف بيعها لأي سبب، ولافتاً إلى أنه يتم دمغ الذهب يومياً في جمعية دمشق سواء كيلوغرام أو أكثر.
لا توقف للورشات
ونفى أيضاً ما يتم تداوله عن توقف بعض الورشات وإغلاق بعض محال الذهب بسبب موضوع الربط الإلكتروني المفروض عليهم، وأن الأمر لم يصل لهذه الدرجة والعمل مستمر والدمغ يتم يومياً، مبيناً أن النقاش مع مديرية الضرائب لم يصل لطريق مسدود ولا أحد يترك مصلحته من أجل خلاف بسيط كما ذكر.
بدوره الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد أوضح في حديثه أن الذهب اقتصادياً وعالمياً هو العملة الأساسية المخزنة للقيمة كما هو متفق عليه عالمياً منذ إنشاء العملات في القرن الماضي على أساس ما تساويه كل عملة من مقدار معين من الذهب إلى حدوث صدمة نيكسون 1971 حيث تم حينها فك ارتباط الدولار بالذهب.
محمد: اتجاه المواطنين لحفظ قيمة مدخراتهم بالذهب في ظل تراجع الطلب على العقار نظراً لما أحدثته الحرب والتضخم في الاستثمار العقاري
أسباب الارتفاع العالمي
وأضاف محمد: حالياً يوجد أسباب كثيرة تؤثر على أسعار الذهب من عام 2020 حتى اليوم خاصة مع تصاعد الحرب في أوكرانيا بالتزامن مع الترويج لعالم متعدد الأقطاب وانخفاض الثقة ببعض العملات الورقية على حساب العملات الأخرى، إذ لكل عملة نسبة معينة ووزن معين بسلة العملات العالمية، مشيراً إلى أن ما يحدث من خلط الأوراق خلال آخر 15 عاماً وازدياده خلال السنوات الثلاث الأخيرة من توجه البنوك المركزية العالمية إلى شراء الذهب وتخزينه حسب التقارير العالمية.
وتساءل: عندما يتوجه البنك لذلك، فماذا يكون حال المستثمرين والمواطنين العاديين؟ ما ساهم بشكل رئيسي مع العوامل الأخرى لزيادة سعر الذهب عالمياً وتحديداً الأونصة والدليل ستة الأشهر الأخيرة التي شهدت ارتفاعاً مطرداً لسعر الأونصة حيث بلغت أسعاراً قياسية.
متابعاً وبالإسقاط على الواقع السوري ونحن جزء من هذا العالم، سيفكر أي مدخر للمال عملياً بالاستثمار بعد أن أثرت الحرب في سورية بشكل كبير على العملة الوطنية وسببت انخفاضاً كبيراً في قيمتها.
وكشف عن التوجه اليوم بسورية وبعض الدول النامية للاستثمار العقاري وهو استثمار عالمي تنشئ بعض الدول اقتصادياتها عليه بعد ارتفاع أسعار العقارات كثيراً ما زاد من شهية الناس لشراء العقار لارتباطه بمقولات ( ما بيخسر والعقار يمرض لكن لا يموت) فتشجعَ الكثيرون على الاستثمار العقاري، لكن بالمقابل و في آخر ثلاث سنوات مع وصول الواقع المحلي لدرجة كبيرة من تراجع المؤشرات الاقتصادية والقوة الشرائية وزيادة معدلات الفقر، انخفض الطلب على العقار لارتفاع تكلفته نتيجة التضخم بكل مفرداته منها انخفاض قيمة الليرة السورية ولم يبقَ أمام المواطن إلّا الاستثمار بالليرات الذهبية وشراؤها.
وبين محمد، أنه نسبياً؛ قلة من المجتمع من لديها اكتناز أو مال أو ادخار أو فائض بعيداً عن فئة المواطنين المشغولين بالبحث عن قوت معيشتهم.
ويرى أن هذا نتيجة طبيعية لزيادة إقبال الناس على شراء الذهب وارتفاعه عالمياً وانعكاسه علينا داخلياً مع تراجع قيمة الليرة، فاتجه المواطنون لحفظ قيمة مدخراتهم بالذهب في ظل تراجع الطلب على العقار نظراً لما أحدثته الحرب والتضخم في الاستثمار العقاري.
و لما سبق يؤكد أن الذهب اليوم أكثر المجالات الاستثمارية التي لها مكاسب إضافة للاستثمار بالأسهم الذي يعدّ استثماراً ضخماً مدراً للدخل رغم احتمال عاملي العائد والمخاطرة، حيث كلما زادت المخاطرة زاد العائد، ومن يملك سوقاً مالياً نشطاً يكون التوجه للسوق المالي جيداً و في بلدنا السوق المالي لا يزال ضعيفاً نامياً، ولهذا الخيارات عندنا محدودة وضيقة جداً ومحصورة في استثمار الذهب والعقار في حين النشاط التجاري موجود إنما يحتاج لخبرة ليست موجودة عند كل الناس كي يشتغلوا بالتجارة.
مصادر التمويل
وإذا كان هناك إقبالٌ على ادخار الذهب فمن أين يأتي التمويل لذلك في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة؟
يجيب الدكتور علي: لا نستطيع الإجابة عن السؤال ولانمتلك ناصية الحقيقة بوجود تناقض أم لا لعدم توفر أرقام حقيقية عن مقدار شراء الليرات الذهبية يومياً وعددها، وإن كانت تمثل نسبة كبيرة من تداولات السوريين، مع إن جمعية الصاغة تصرّح ببيع كذا كيلوغرام ذهب باليوم، لكن ماذا تمثل على أرض الواقع؟.
واستغرب كل هذا الضجيج الإعلامي بتوجه المواطنين لشراء الذهب بدل شيء آخر مركزاً على أهمية معرفة نسبتهم وماذا يمثلون؟
ليس المهم شراء المواطن للذهب في ظل الفقر بل الأهم كم نسبة من يشتري الذهب وهذه الإحصائية غائبة كأي بيانات أخرى
وعدّ التحويلات المالية من الخارج تلعب دوراً مهماً في هذا الإطار قولاً واحداً، إذ يرسل المغترب 100 يورو أو أكثر فيعيش بجزء ويشتري بالبقية الذهب أو قد يكون للبعض رواتب مدخولها جيد لحد ما فيستثني جزءاً منه ويشتري لو ربع ليرة ذهب مثلاً يكون ذلك أمر جيد، مؤكداً بقوله: ليس المهم شراء المواطن للذهب في ظل الفقر بل الأهم كم نسبة من يشتري الذهب وهذه الإحصائية غائبة كأي بيانات أخرى.
والمضحك في الموضوع أن بعض العرافين في الوسائل الإعلامية والتواصل الاجتماعي يطلقون توقعاتهم بانهيار وشيك لبعض العملات وأن المستقبل سيكون لتعاملات معدني الذهب والفضة، فيتأثر بعض المواطنين نفسياً ويصدقونهم ويستثمرون في الذهب من دون غيره .
وبهذا الصدد يقول الدكتور علي: بغض النظر عن توقعاتهم إلّا أنها تحليلات اقتصادية صحيحة لأن الواقع يثبت أن الذهب يرتفع فعلاً.
وختم بإجراء دراسة منطقية عالمية لما يحدث بالعملات من أول نشرة العملات في اتفاقية بريتون وودز عام 1944وللآن، نجد أن أغلب العملات المسيطرة على سلة العملات التي تسيطر على حوالي 55 ٪ من إجمالي التجارة الخارجية ممثلة بالدولار وهي ورقة لم تغطَ بشيء منذ عام 1971.