اختيار أعضاء مجلس الشعب مسؤولية كبيرة في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريون. يوم الانتخاب هو فرصة لكل مواطن سوري لاختيار النائب الذي يحقق طموحات الناس ويعالج قضاياهم وهمومهم بعيدًا عن الفساد والمحسوبيات.
أكثر ما يحبط السوريين ويضعف الثقة بينهم وبين مؤسسات الدولة هو عدم تنفيذ القانون وتجاوزه من قبل البعض الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون، مما يزعج الآخرين ويسيطرون في أماكن عملهم بأموالهم ولا يخشون أي عقوبات رادعة. هؤلاء الأشخاص زادت أعدادهم خلال الحرب، ورغم الحملات واللقاءات والنقاشات الوطنية، لا يزالون يرفضون الواقع الجديد الذي يحرمهم من الامتيازات.
تعتبر انتخابات مجلس الشعب موسمًا يتسع خلاله النقاش والحوار بين مختلف الشرائح حول الانتخاب والمرشحين، خاصة أولئك الذين يظهرون فجأة دون تقديم برامج انتخابية أو الالتقاء بالناخبين، معتقدين أنهم سينجحون في كل الأحوال. والسؤال هذا العام هو: هل ستنعكس الأجواء الإيجابية في الشارع السوري على الانتخابات، ويعكس احترام القانون والضمير في اختيار الممثلين؟
تجارب الانتخابات السابقة كانت مخيبة للآمال، فهل ستكون انتخابات 2024 فرصة لتحسين الواقع واختيار الممثلين بحرية؟ أم أن المال سيظل يهيمن على العملية الانتخابية، ما يمنح الفاسدين فرصًا أكبر على حساب أصحاب الكفاءات؟
رغم تأثيرات الأزمات الاقتصادية والسياسية في السلوك الانتخابي خلال سنوات الحرب، فإن الأوضاع المعيشية لا تزال تشكل عاملاً هامًا في المشهد الانتخابي. الناخب في ظل الوضع الاقتصادي لا يملك خيارات كثيرة للمقايضة بين الكفاءة والمال، حيث يطغى المال على كل شيء. يتصدر الوضع الاقتصادي أجندات المرشحين، إلا أن المرشحين الذين يملكون المال يتمتعون بمصداقية أكبر في إيجاد الحلول مقارنة بمن يعرض وجهة نظره فقط.
التحضيرات الجارية لانتخابات الخامس عشر من تموز تأتي بعد الانتخابات الحزبية واختيار قيادة جديدة لحزب البعث الحاكم، مما أعطى هذه الانتخابات بعض الزخم والمصداقية. هذه المصداقية يجب أن تنتقل إلى المرشحين أنفسهم، فإذا توطدت الثقة بين الناخب والمرشح، سيكون ذلك بداية الطريق لإنتاج مجلس شعب قوي وقادر على قيادة العملية الرقابية والتشريعية بحكمة.
محاربة الفساد من خلال الانتخابات مسألة في غاية الأهمية، إلا أن الفاسدين غالبًا ما يفوزون لأنهم يمتلكون المال. بينما يحترم الناس أصحاب الكفاءات، أمام صندوق الاقتراع يميل الناس نحو أصحاب النفوذ المالي.
انتخابات مجلس الشعب هي فرصة لمعالجة القضايا الحيوية الاقتصادية والمعيشية، ولكن مع الأسف تجري عمليات الترشيح والاقتراع وكأنها كبسة زر، مما يؤدي إلى تكرار نفس النتائج وإحباط الناخبين الذين يختارون من يدفع أكثر.
لعشرات السنين، لم أعرف من هو النائب الذي يمثلني في مجلس الشعب، سواء في العاصمة حيث أعيش أو في حماة حيث ولدت. ورغم كل السلبيات في عمليات الانتخابات، يبقى مجلس الشعب في سورية الخيمة التي تضم كل فئات المجتمع السوري وآماله وطموحاته.
الإعلام في سورية يواكب الأحداث الداخلية والخارجية، ويتابع الجهود والتحركات المتعلقة بالوضع السياسي والاقتصادي والاستعدادات لإنجاز انتخابات مجلس الشعب.