لا يقل الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة ضد الشعب السوري من خلال فرض العقوبات الأحادية والحصار الجائر ومحاولات خنق سوريا تجارياً ومالياً ومنعها من استيراد المواد الأساسية عن الجرائم الإرهابية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية بحق المدنيين السوريين في البادية وفي محيط قاعدة التنف الأمريكية غير الشرعية على الحدود السورية الأردنية.
ومع أن مجلس الأمن الدولي يجتمع أحياناً لإدانة الجرائم الإرهابية التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المدرجة على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، كتنظيم داعش وجبهة النصرة الإرهابيين، إلا أنه قلما اجتمع لإدانة جرائم الإرهاب الاقتصادي التي ترتكبها الدول الغربية بحق دول وشعوب العالم في انتهاك فاضح للقانون الدولي ولحقوق الإنسان.
الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تمارس الإرهاب الاقتصادي منذ ستة عقود ونيف على كوبا برغم صدور 31 قراراً للجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب برفع الحصار الأمريكي عن كوبا. كما تمارس واشنطن الحصار الاقتصادي ضد سوريا منذ صدور ما يسمى قانون محاسبة سوريا في التسعينات من القرن الماضي وصولاً إلى قانون قيصر الذي يهدف إلى تجويع الشعب السوري ويعد مكملاً لقرار محاسبة سوريا عام 2003. هذا القرار يقضي بمنع أي تعامل بين الشركات الأمريكية وسوريا، ويقلص العلاقات الدبلوماسية، ويمنع سوريا من استيراد البضائع والغذاء والدواء وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى تقدمها وتطورها، كما يعاقب الشركات والدول التي تتعامل مع سوريا. الهدف من الحصار هو تركيع سوريا وفرض الإملاءات الأمريكية عليها بحجة أنها تدعم الإرهاب، والإرهاب في المفهوم الأمريكي طبعاً ليس داعش ولا جبهة النصرة وإنما المقاومة التي تقاتل كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يرتكب المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني. فقانون محاسبة سوريا والحصار الخانق الذي تفرضه واشنطن على سوريا منذ العام 2011 هدفه تشجيع الإرهاب التكفيري وإطالة أمد الأزمة في سوريا ومنعها من تجاوز الأزمة وممارسة أقصى أنواع الضغوط على الحكومة السورية.
وليست سوريا وحدها ضحية الإرهاب الاقتصادي الأمريكي والغربي، فسوريا وروسيا وإيران وكوريا الديمقراطية تعاني من الإرهاب الاقتصادي الأمريكي الذي تمارسه واشنطن تحت عناوين ومسميات أقل ما يقال فيها، أنه سياسة قطاع الطرق والخارجين عن القانون.
فواشنطن تستخدم الحصار الاقتصادي منذ أكثر من 12 سنة كأداة للضغط والابتزاز السياسي وممارسة الإرهاب الاقتصادي ضد سوريا وشعبها من أجل تحقيق غايات لم تستطع المجموعات الإرهابية تحقيقها بالإجرام والقتل والدمار.
إن سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها الولايات المتحدة بالتعاون مع بعض حلفائها من الدول الأوروبية ضد الشعب السوري تشكل جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، وتسببت بالأذى ومحاولة تجويع الشعب السوري الذي لا يستطيع استيراد الأدوية والغذاء للأطفال بسبب الإجراءات الأمريكية الأحادية.
وخلال فترة الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من سوريا في السادس من شباط عام 2023، لم ترفع الولايات المتحدة الحصار عن سوريا ولم تقدم أي مساعدات إنسانية في موقف لا يمت إلى الإنسانية بصلة ويؤكد التوحش والتغول الأمريكي والحقد والكراهية. حيث تزعم واشنطن أنها تحاسب النظام المناهض لسياساتها، لكنها في الواقع تتسبب بالضرر والأذى لكل مواطن سوري. لذلك فإن المطلوب من الأمم المتحدة اليوم أن تعلي الصوت إدانةً ورفضاً لسياسات الهيمنة والحصار والعقوبات التي تهدف إلى إفقار الدول والشعوب وتجويعها من أجل فرض إملاءات سياسية عليها ودفعها للتخلي عن سيادتها ومصالحها الوطنية.
إن الحصار الاقتصادي يشكل الوجه الآخر للإرهاب والاستعمار الذي تمارسه واشنطن في العالم، ولا سيما في سوريا حيث تسرق خيرات سوريا من نفط وغاز وقمح وتمنع السوريين من الاستفادة منها في جريمة لا تقل بشاعة عن جرائم تنظيم داعش الإرهابي.
اليوم، لم يعد مقبولاً السكوت على جرائم الإرهاب الاقتصادي التي تمارسها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، وينبغي أن تصنف هذه الجرائم في قائمة الإرهاب وأن توضع الدول التي تفرض العقوبات والحصار الاقتصادي خارج إطار الشرعية الدولية، على قائمة الدول الإرهابية ومقاطعتها ومحاسبتها وفق القانون الدولي أمام المحاكم الدولية.