هل بدأت السياحة السورية بالتعافي؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال، لكن تساعد تدابير تسهيل الحصول على التأشيرات، وتطوير وجهات سياحية جديدة، والاستثمارات في المشروعات الجديدة المتعلقة بالسياحة، واستضافة الأحداث الكبيرة في دعم التعافي السياحي، حسبما ذكرت منظمة السياحة العالمية في تقريرها.
وبالطبع لا يمكن إنكار الأثر الإيجابي مع اطلاق المنصات الرقمية السورية مؤخراً، حيث أصبح حصول المواطنين السوريين (بالنيابة) والعرب والأجانب على «فيزا» إلكترونية لزيارة سورية أمراً متاحاً منذ مطلع شهر أيار على تطبيق (eviza) عبر المنصة الإلكترونية وتطبيقاتها فيما يخص المجموعات السياحية والخدمات المتممة، وذلك في سياق تبسيط إجراءات الدخول التقليدية بطريقة رقميّة مؤتمتة ومتكاملة.
وحسب تعليمات وزارة السياحة أصبح بالإمكان تقديم الطلبات الداخلية من خلال المكاتب السياحية المرتبطة بوزارة السياحة، كما يمكن للسوريين تقديم طلبات بالنيابة عن العرب والأجانب للحصول على سمة دخول من خلال منصة (أنجز سورية anjez.gov.sy)، أما بالنسبة للطلبات الخارجية، فيمكن للعرب والأجانب الدخول مباشرة إلى الموقع الخاص بتلقي الطلبات (evisa.sy).
وبحماس شديد تلقت المكاتب السياحية الإجراءات الجديدة بهدف “التغلب على الظروف الصعبة التي تمر بها السياحة السورية وبالأخص في الدول التي لا توجد فيها سفارات أو قنصليات، إذ لا يحتاج الراغب بالقدوم إلى سورية لقطع مسافات طويلة للوصول إلى السفارات السورية في غير بلد مثلاً، بما يساهم في تخفيف الوقت والجهد على السياح الراغبين بالمجيء إلى سورية”.
وتوقعت السياحة أن تساهم المنصة في زيادة أعداد القادمين إلى البلاد، خاصة من الدول التي اتخذت حكوماتها موقفاً معادياً للشعب السوري خلال الأزمة التي مرت بها البلاد، كبعض الدول الأوروبية وغيرها.
وحسب مؤشرات السياحة وتحصيل رسوم الخدمة للدول التي لا تملك ميزة دفع إلكتروني عند التقديم من خلال بوابة العرب والأجانب قال وزير السياحة محمد عامر مارتيني في تصريح اعلامي: “تتيح المنظومة حالياً خيارين لدفع قيمة “الفيزا”، عبر الدفع الإلكتروني إن كان متاحاً، وإلا يجب على صاحب العلاقة تأجيل دفع قيمة رسم الخدمة إلى حين وصوله إلى المنافذ الحدودية ليتم استيفاء الرسوم بشكل متكامل وهي عبارة عن قيمة الفيزا ورسم بدل الخدمة”.
التقديرات الأولية لمساهمة السياحة في الاقتصاد العالمي تشير إلى وصولها لـ3.3 تريليونات دولار
وأوضح الوزير أن العمل على المنصة تم بالتنسيق بين وزارات السياحة والداخلية والخارجية، بحيث لا يحتاج الراغب بالقدوم إلى سورية لمراجعة السفارات أو القنصليات، بل يتقدم بطلبه للحصول على الفيزا عبر المنصة ليحصل على النتيجة خلال مدة أقصاها 72 ساعة.
ويمكن القول إن السياحة بدأت تستعيد نشاطها، فقد شهدت مؤشرات السياحة السورية خلال النصفين الأول والثاني من عام 2024 بالمقارنة مع الفترة الممائلة لعام 2023 تحسناً ملحوظاً مقارنة بالأعوام السابقة عبر افتتاح وترخيص العديد من المشروعات والمنشآت السياحية والمشاركات الخارجية.
وحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة السياحة السورية فقد بلغ رقم الأعمال المقدر تحقيقه في الفنادق العائدة ملكيتها للوزارة (داما روز- شيراتون دمشق- فندق ومنتجع لاميرا- فندق شهبا حلب) خلال 2023 ما يقارب 125 مليار ليرة بنسبة ارتفاع تجاوزت 120 في المئة عن العام الماضي، وبلغ إجمالي الربح المقدر تحقيقه في عام 2023 ما يقارب 28 مليار ليرة وبنسبة ارتفاع 145 في المئة عن العام الماضي.
وبلغ عدد القادمين إلى سورية حتى نهاية شهر كانون الأول نحو مليوني قادم، منهم مليون و750 ألفاً من العرب، و250 ألفاً من الأجانب، منهم 213 ألف زائر للمواقع المقدسة بعدد ليالي مليون و230 ألف ليلة فندقية.
كما بلغ عدد نزلاء الفنادق العرب والأجانب حتى شهر كانون الأول نحو 360 ألف نزيل منهم 300 ألف من العرب و60 ألفاً من الأجانب قضوا مليوناً و700 ألف ليلة فندقية، منها مليون و40 ألف ليلة للعرب، و660 ألف ليلة للأجانب. وقال وزير السياحة محمد رامي مرتيني: إن أعداد الزوار والسياح إلى سورية كانت في الفترة الأخيرة «مشجعة»، رغم الظروف السياسية والأمنية، التي تعيشها البلاد حالياً، وعلى مدى السنوات العشر الماضية.
السياحة العالمية
وحسب تقديرات منظمة السياحة العالمية يقدر إجمالي إيرادات التصدير من السياحة (بما في ذلك نقل الركاب) بنحو 1.6 تريليون دولار عام 2023، أي ما يقارب 95% مما حققته في عام 2019 التي بلغت حينها 1.7 تريليون دولار.
وتشير التقديرات الأولية لمساهمة السياحة في الاقتصاد العالمي إلى وصولها لـ3.3 تريليونات دولار عام 2023، أو 3% من الناتج الإجمالي العالمي، حسبما ذكرت منظمة السياحة العالمية في تقريرها.
وقال الأمين العام للمنظمة زوراب بولوليكاشفيلي: “يظهر أحدث بيانات المنظمة أن السياحة الدولية تعافت بالكامل تقريباً من أزمة كوفيد 19 مع وصول العديد من الوجهات إلى أعداد الوافدين والإيرادات التي كانت قبل الوباء أو حتى تجاوزها، وهذا أمر بالغ الأهمية للوجهات والشركات والمجتمعات التي يشكل فيها هذا القطاع شريان الحياة الرئيسي”.
الشرق الأوسط يقود التعافي
ويقود الشرق الأوسط التعافي العالمي في القطاع السياحي حسب المناطق من حيث المعدل النسبي، وهو المنطقة الوحيدة التي حققت نمواً سياحياً عند مستويات ما قبل الوباء، واستقبلت عدداً أكبر من السياح بنسبة 122% عام 2023 مقارنة بعام 2019.
تتصدر الوجهات السياحية
وتصدرت منطقة الخليج قائمة الوجهات الأفضل أداء في كل أنحاء العالم للأشهر التسعة الأولى من عام 2023، حسبما ذكرت منظمة السياحة العالمية، حيث احتلت المرتبة الأولى بنسبة “+ 91%” من عدد السياح الدوليين مقارنة بعام 2019.
ومنذ استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم، سجلت السياحة في الخليج دفعة غير مسبوقة للقطاع السياحي، وفق ما ذكرت منصة “ترست يو” المتخصصة.
وكشفت “دول الخليج ” عن استقبال أكثر من 4 ملايين زائر خلال عام 2023، في وقت تخطط فيه لاستضافة وتنظيم أكثر من 80 فعالية خلال العام الجاري، وتتنوع هذه الفعاليات لتشمل الرياضة والتسوق والمعارض والمهرجانات وغيرها.
وفي خطوة استراتيجية لتسهيل السفر، قامت دول الخليج بتبسيط إجراءات التأشيرة من خلال تطبيقات منصة التي تسمح بالفعل بالحصول على تأشيرات عند الوصول لمواطنين من 95 بلداً.
ووصلت أوروبا -المنطقة الأكثر زيارة في العالم- إلى 94% من مستويات عام 2019، مدعومة بالطلب داخل القارة العجوز والسفر من الولايات المتحدة.
واستعادت إفريقيا 96% من زوارها قبل الجائحة، بينما وصلت النسبة في الأميركتين إلى 90%، تليهما منطقة آسيا والمحيط الهادي بنسبة 65% من مستويات ما قبل الوباء بعد إعادة فتح العديد من الأسواق والوجهات.
الدول العربية تواصل انتعاشها
وتواصل المنطقة العربية انتعاشها السياحي بعد جائحة كورونا ، حيث سجل عدد من دولها مراكز متقدمة للغاية في التصنيف العالمي للوافدين الدوليين عام 2023.
السعودية تفوق المعدلات
واحتلت السعودية المركز الخامس في التصنيف العالمي للوافدين الدوليين عام 2023، حسب تقرير اتجاهات السفر العالمية، حيث عادت إلى مستويات ما قبل كورونا للزوار الوافدين مدعومة بالحجاج، والاستثمار في تسويق المملكة كوجهة سياحية، والجهود المبذولة لتنويع اقتصادها، وذلك حسبما ذكرت منصة “ذا ناشيونال”.
وسجلت المملكة زيادة بنسبة 156% في عدد السياح الوافدين العام الماضي مقارنة بعام 2019 وسط تعافي قطاع السياحة بعد الوباء، حسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية نقلاً عن تقرير لمنظمة السياحة العالمية.
وكانت وزارة السياحة السعودية أعلنت سابقاً أن إجمالي عدد السياح بلغ 53.6 مليون سائح بالنصف الأول من 2023، وبلغ عدد السياح الوافدين 14.6 مليوناً، بينما وصل عدد السياح المحليين إلى 39 مليوناً.. وبلغ إجمالي الإنفاق السياحي 150 مليار ريال سعودي، وسجلت السياحة الوافدة 86.9 مليار ريال، في حين بلغت إيرادات السياحة المحلية 63.1 مليار ريال خلال الفترة نفسها.
الإمارات تواصل ازدهارها السياحي
واحتلت الإمارات المرتبة الثامنة بالتصنيف العالمي للوافدين الدوليين عام 2023 بفضل تدفق السياح من الولايات المتحدة وروسيا، والاتصال الجوي القوي الذي ساعد بشكل خاص في جذب المزيد من المسافرين الصينيين إلى البلاد.
وسجلت دبي أعلى معدل وصول سنوي للسياح على الإطلاق عام 2023، حيث اجتذبت 17.15 مليون زائر على مدار العام، وبلغ الرقم القياسي السابق 16.73 مليوناً عام 2019، حسبما ذكرت منصة “بيزنس ترافيلر”.
واستحوذت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا معاً على 28% من إجمالي عدد زوار الإمارات العام الماضي، وشكلت أوروبا الغربية وجنوب آسيا 19% و18% من الوافدين على التوالي، كما شكلت منطقة شمال آسيا وجنوب شرق آسيا 9% من الوافدين، وساهمت الأميركتان بنسبة 7%، وإفريقيا بـ4% وأستراليا بـ2%.
مصر تسجل رقماً قياسياً جديداً
احتلت مصر المرتبة العاشرة بين أفضل الوجهات السياحية، واستقبلت رقماً قياسياً بلغ 14.9 مليون سائح العام الماضي، متجاوزة الرقم القياسي السابق لعام 2010 البالغ 14.7 مليوناً. وأرجع وزير السياحة أحمد عيسى هذا إلى الجهود التعاونية بين الوزارة والقطاع الخاص والشركاء الاستراتيجيين حسبما ذكرت منصة “فيزا غايد”.