من إعلام العدو
صحيفة معاريف: 14/8
الساحة الدولية كجبهة إضافية بسبب سلسلة إخفاقات سياسة نتنياهو
بقلم: مايكل هراري
لقد شكلت حرب “السيوف الحديدية” سلسلة طويلة من السوابق، ليست بالضرورة إيجابية، واستمرارها لأكثر من عشرة أشهر دون هدف محدد وقابل للتحقيق، وتوسعها إلى ساحات أخرى خارج قطاع غزة، والضرر الهائل الذي لحق بمكانة إسرائيل وصورتها في الساحة الدولية، ليس سوى دزء يسير من هذه الخصائص.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك ردود فعل حادة، بدل الدعم الدولي لاسرائيلي، وانتقادات لاذعة، بما في ذلك جلوس اسرائيل على مقعد الاتهام أمام مؤسسات العدالة الدولية وحتى التهديد بإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء ووزير الداخلية والحرب. وفي الوقت الذي تشير فيه أصابع الاتهام إلى النظام الأمني والساحة السياسية، تتجه الأنظار بسرعة نحو وزارة الخارجية المسؤولة عن الساحة السياسية الدولية. ولذلك فإن النظرة غير موجهة في الاتجاه الصحيح.
لقد تم تهميش وزارة الخارجية إلى حد كبير وتجريدها عمليا من معظم صلاحياتها على مدى السنوات التي قضاها نتنياهو كرئيس للوزراء. وهذا يعكس “التغيير الأيديولوجي” لدى نتنياهو. لذا ينبغي أن تتجه الأنظار نحو مكتب رئيس الوزراء باعتباره المسؤول الرئيسي عن الحفرة العميقة التي تجد إسرائيل نفسها فيها. بالمقارنة مع حروب الأيام الستة ويوم الغفران، فإن الضرر الذي لحق بإسرائيل ليس بهذه الخطورة، فقد تضررت العلاقات مع عدد من الدول (تركيا وكولومبيا وبوليفيا على سبيل المثال لا الحصر) وتعرضت لانتقادات شديدة من جميع أنحاء العالم تقريبا. وبالنظر إلى عمق الأزمة التي نعيشها، كان من الممكن أن نتوقع ردود فعل أكثر جدية. لكن الضرر الرئيسي سيكون على المدى الطويل، وهذا تكمن خطورته وشدته.
علاوة على ذلك، يبدو أن الحكومة اختارت تجاهل هذا الاتجاه الخطير، وهي تبذل قصارى جهدها لتفاقمه بشكل أكبر. ومن أجل توضيح الطريقة الضارة التي تعمل بها الحكومة في ما يتعلق بعلاقة إسرائيل بالعالم الأوسع، من الضروري متابعة نشاطات وزير الخارجية يسرائيل كاتس. إذ يبدو أن وزير الخارجية المكلف بالحفاظ على العلاقات وتعميقها مع المجتمع الدولي، سيبذل قصارى جهده للحد من هذا التوجه السلبي. لكن على أرض الواقع يحدث العكس. فمنذ عودته إلى وزارة الخارجية، يتخذ كاتس إجراءات تثير الدهشة والحيرة بسبب الضرر الذي لحق بوزارته. ويبدو أنه يستمتع بالتصارع مع الرئيس التركي بلغة الشارع على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أعاد سفراء إسرائيل من تلك الدول التي اعترف بالدولة الفلسطينية ولم يتضح بعد ما الذي ينوي فعله، كما أعلن عن إلغاء الصفة الدبلوماسية للدبلوماسيين النرويجيين لدى السلطة الفلسطينية بطريقة قد تضر فعلا بالمصالح الإسرائيلية.
المسؤول الحقيقي عن خطورة الوضع السياسي في إسرائيل هو رئيس الوزراء. لا شك أن إسرائيل هوجمت في السابع من تشرين الأول بطريقة غير مسبوقة، ولكن ربما يتطلب الأمر موهبة خاصة للتدهور إلى الوضع الحالي في ظل هذه الظروف تحديدا. إن الازدراء التام بالقيم التي ارتضتها إسرائيل منذ تأسيسها، وعدم وجود أهداف واضحة وواقعية للحرب، والموقف العدائي تجاه المختطفين ومعاناتهم، والتصرفات “الصبيانية” وغير الضرورية، كل ذلك أدى إلى الحفرة العميقة التي نجد أنفسنا فيها اليوم أمام العالم الأوسع.
ترجمة: غسان محمد