في حديثه مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، أكد المحلل السياسي والخبير العسكري الدكتور محمود عبد السلام على الدور الذي يلعبه الإعلام في توجيه الرأي العام وترسيخ مواقف معينة حول الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة. من خلال تضخيم أو تقزيم الصور، يتم توجيه الرسائل الإعلامية باتجاهات محددة. ويرى عبد السلام أن نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، يعتبر نفسه أهم من بن غوريون، مؤسس الكيان الإسرائيلي، وذلك بناءً على الفترة الطويلة التي قضاها في السلطة والإنجازات التي يدعي تحقيقها لصالح هذا الكيان.
منذ أن تولى نتنياهو رئاسة الحكومة، حقق شعبية كبيرة داخل إسرائيل، خاصة بعد خطابه الأخير في الكونغرس الأمريكي. وفقا للتقارير، لا يزال يحظى بتأييد الأغلبية في الكنيست الإسرائيلي، ما يعطيه قوة سياسية كبيرة. لكنه في الوقت نفسه يتعرض لانتقادات شديدة بسبب سياساته الداخلية والخارجية. ويرى عبد السلام أن نتنياهو يشكل عبئا على الدولة الإسرائيلية، حيث أصبحت الجرائم التي يقترفها بحق الفلسطينيين أضخم من قدرة الولايات المتحدة على التغطية عليها أمام الرأي العام العالمي.
خلال الفترة الحالية، التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يجد نتنياهو نفسه في وضع صعب. فبالرغم من الدعم الذي يحصل عليه من أمريكا، أصبح عبئا على النظام الأمريكي نفسه. الجرائم التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية، خاصة في قطاع غزة، وضعت الولايات المتحدة في موقف محرج أمام الناخب الأمريكي، وفرضت عليها ضغوطًا كبيرة للتوصل إلى تسوية.
عبد السلام أشار إلى أن نتنياهو يستمد قوته من نجاحه في الحفاظ على الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، حيث لا يزال يسيطر على الأغلبية داخل الكنيست ويمارس نفوذا واسعا على المؤسسات التشريعية والقضائية. لكن هذه السيطرة لم تأت دون ثمن، فقد أثارت سياساته الداخلية، خاصة المتعلقة بإضعاف السلطة القضائية، غضبا واسعا داخل المجتمع الإسرائيلي. ورغم المعارضة القوية التي يقودها لابيد وغانتس، يبدو أن نتنياهو يواصل تنفيذ سياساته، ما يزيد من حدة التوترات داخل إسرائيل.
على الصعيد الدولي، يبدو أن نتنياهو يتجاهل الضغوط العالمية والمحلية لوقف الحرب في غزة والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى. ورغم الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة وغيرها من الدول، يصر على المضي قدما في سياسته القائمة على استمرار العمليات العسكرية. عبد السلام أكد أن المقاومة الفلسطينية تدرك الفخاخ التي يضعها نتنياهو لعرقلة المفاوضات، وهو يعلم أن المقاومة لن تقبل بالشروط التي يطرحها.
فيما يتعلق بالوساطة الدولية، انتقد عبد السلام الموقف الأمريكي واعتبر أن تصريحات الإدارة الأمريكية تصب في مصلحة نتنياهو وتخدم الأجندات الانتخابية في الولايات المتحدة. ويرى أن الولايات المتحدة تسعى إلى إخفاء فشلها في فرض ضغوط حقيقية على إسرائيل لإيقاف الحرب. هذا الفشل يعكس ضعف النظام الأمريكي أمام نتنياهو، الذي يتمتع بقدرة على تحدي الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وفيما يتعلق بالدول العربية، عبر عبد السلام عن استغرابه من موقفها الصامت إزاء الجرائم التي ترتكب في غزة. وأشار إلى تقارير تتحدث عن استعداد بعض الدول العربية لتقديم مبالغ طائلة لإعادة توطين الفلسطينيين في سيناء، ما يثير تساؤلات حول جديتها في دعم القضية الفلسطينية. كما انتقد الصمت العربي والعالمي، مشيرا إلى أن التظاهرات الكبيرة التي خرجت في العواصم الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، لم تلق مثيلًا في الدول العربية.
في ختام حديثه، أشار عبد السلام إلى أن المقاومة الفلسطينية هي التي تتمسك بمواقفها في وجه الضغوط الدولية والإقليمية. واعتبر أن الضغوط التي تمارس على المقاومة تهدف إلى إبرام اتفاقية استسلام لصالح نتنياهو، لكنها لا تعكس الواقع الحقيقي للميدان. المقاومة، من وجهة نظر عبد السلام، هي المنتصرة في هذه المعركة، وهي التي تجبر الدول العربية على اتخاذ مواقف مؤيدة لها، رغم أن العديد من الدول العربية لا تزال تتعاون اقتصاديا وتجاريا مع إسرائيل.