في مقابلة أجراها المحلل السياسي وعضو مجلس الشعب السابق الأستاذ مهند الحاج علي عبر إذاعة ميلودي إف إم، سلط الضوء على التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى التي يشهدها العالم اليوم، خاصة في ظل التوترات بين الشرق والغرب. بدأ الحاج علي بالحديث عن منظمة بريكس ودورها المتزايد في المشهد الدولي، مشيرا إلى أن تركيا، التي تعتبر من القوى العسكرية الكبرى في حلف الناتو، قد ابتعدت بشكل واضح عن التحالف الغربي بطلبها الانضمام إلى بريكس. وأوضح أن تركيا تمتلك ثقلا إقليميا واقتصاديا كبيرا، والجميع يسعى لاستمالتها إلى جانبه، إلا أن روسيا، من خلال سياستها المتمثلة بتقديم منظومة الدفاع الصاروخي S400، قد نجحت في تقوية علاقتها بأنقرة، في حين لم تتمكن الولايات المتحدة من تقديم مغريات مماثلة.
وتابع الحاج علي بالحديث عن تأثير الطباعة المستمرة للدولار الأمريكي وتمويل الحروب المختلفة على الاقتصاد الأمريكي، مشيرا إلى أن تدهور قيمة الدولار يعزز الرغبة لدى العديد من الدول في البحث عن استثمارات آمنة، وهو ما تقدمه دول بريكس. وأضاف أن المنظمة تعتمد على أسس اقتصادية واضحة ومشاريع تنموية تشمل دولا أصغر، سواء في العالم العربي أو إفريقيا، وذلك بنظرة ندية تختلف عن تعامل الولايات المتحدة المتسم بالغطرسة.
وفي سياق إجابته عن سؤال حول تشكيل العالم الجديد، أكد الحاج علي أن بريكس قد تكون الهيكل الذي سيبنى عليه هذا النظام، مشيرا إلى أن العديد من الدول الأوروبية قد تسعى للانضمام إلى المنظمة بمجرد انتهاء حرب أوكرانيا. وأكد أن روسيا، رغم انشغالها في أوكرانيا، تواصل مسيرتها في دعم بريكس وتراهن على التحولات الاقتصادية في الشرق.
وحول الصراع في أوكرانيا، أشار الحاج علي إلى أن روسيا تتبع استراتيجية ذكية ومحددة الأهداف، مع التركيز على استنزاف الحلفاء الأوروبيين لأمريكا. وأوضح أن روسيا بإمكانها حسم المعركة في أوكرانيا بسرعة، لكنها تفضل استغلال هذا الصراع لتحقيق أهداف أعمق تخدم مصالحها ومصالح حلفائها في الشرق، مثل الصين. واعتبر الحاج علي أن استنزاف أوروبا عسكريا واقتصاديا سيضعف حلفاء الولايات المتحدة في أي مواجهة قادمة.
أما عن الأسلحة الأمريكية بعيدة المدى التي يستخدمها الأوكرانيون، فقد اعتبر الحاج علي أن هذه الخطوة لم تحقق التوازن الذي تسعى إليه أمريكا وأوروبا، مشيرا إلى أن روسيا لا تزال تسيطر على الوضع. وأكد أن التهديدات المتعلقة باستخدام هذه الأسلحة لم تتجاوز نطاقا محدودا، ولم تشهد اختراقات كبيرة للأجواء الروسية.
فيما يتعلق بتعديل العقيدة النووية الروسية، أشار الحاج علي إلى أن روسيا أعلنت بوضوح أنها سترد نوويا على أي اعتداء من قبل حلف الناتو. وأكد أن روسيا تواصل استنزاف أمريكا وأوروبا، معتبرا أن الولايات المتحدة اليوم لا تستطيع الدخول في حروب مباشرة كما فعلت في العراق عام 2003 بسبب استنزافها في صراعات متعددة.
وختم الحاج علي حديثه بالتأكيد على أن المعركة في سوريا ولبنان وفلسطين هي جزء من المعركة العالمية الكبرى، حيث تلعب سوريا دورا محوريا في دعم المقاومة. وأكد أن الجيش السوري، رغم انشغاله بمعارك داخلية، يبقى مستعدا لأي مواجهة إقليمية، وأن دعم المقاومة هو قرار استراتيجي غير قابل للتفاوض.