في خطوة تعكس روح التعاون والتكاتف، انطلقت اليوم فعاليات ورشة عمل طال انتظارها لوضع اللمسات الأخيرة على خطة تعافي أحياء حلب القديمة بعد رحلة شاقة استمرت ثمانية أشهر من اللقاءات الحوارية، جمعت خلالها الجهات الحكومية والمنظمات الأهلية وأهالي حلب في حوارات بناءة، لتشكل هذه الخطوة تتويجاً لجهود مشتركة تهدف إلى إعادة الحياة إلى شوارعها وأزقتها، وإعادة بناء نسيجها الاجتماعي.
ففي فندق الشيراتون بدأت أعمال ورشة صياغة مخرجات خطة التعافي لأحياء حلب القديمة التي تنظمها محافظة حلب ومجلس المدينة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي”UNDP” بمشاركة عدد من الجمعيات الأهلية والمخاتير ولجان الأحياء والمجتمع المحلي والناشطين المجتمعيين ورجال الدين والفعاليات الاقتصادية.
وأكد ممثل محافظ حلب، عضو المكتب التنفيذي المهندس محمد فياض أهمية الورشة التي تشكل خطوة هامة في سياق سلسلة الخطوات لتعزيز العمل التشاركي ما بين الجهات الحكومية والأهلية والمجتمع المحلي، وتتويجاً للجهود المشتركة لفتح آفاق جديدة في طريق التعافي المبكر وصولاً لتحقيق التنمية المستدامة التي تلبي احتياجات المجتمع، وأشار إلى الاحتياجات المتزايدة في ظل النتائج التي أفرزتها سنوات الحرب والحصار الجائر والآثار الجسيمة التي خلفتها كارثة الزلزال، مبيناً أهمية تضافر الجهود لتعزيز خطط التعافي التي تستند إلى احتياجات المجتمع من خلال مشاركة أبناء المجتمع نفسه، وفق الأولويات والإمكانات الفنية والمادية الممكنة.
وأشار المهندس فياض إلى ضرورة تطوير خطط التعافي، التي بدأت في حي قاضي عسكر والمدينة القديمة لتشمل باقي المناطق وفق النهج التشاركية مع جميع الأطراف الفاعلة، وهو ما يساهم في زيادة تماسك المجتمعات المحلية وتعزيز دورها، وقدرتها على مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.
رئيس مجلس المدينة الدكتور معد المدلجي، أكد على أهمية وضع المخرجات المناسبة لخطة التعافي في أحياء المدينة القديمة التي تنطلق من احتياجات المجتمع المحلي وتبنيها من الجهات الحكومية ذات الصلة لترجمتها على الأرض، وبيّن أهمية وضع خطة قابلة للتنفيذ، وذلك تعزيزاً لمبدأ اللامركزية الذي كرّسه قانون الإدارة المحلية لعام 2011 من خلال المساحة التي أعطيت للمخاتير ولجان الأحياء والمجتمع المحلي، لافتاً إلى ضرورة تأطير المخرجات وفق مستويات من الأهلية والأولويات للنهوض بواقع الأحياء في الجوانب الخدمية والاقتصادية والاجتماعية.
مدير مكتب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في حلب محمد جاسر، بيّن أن الخطة ليست ملكاً للجهات الداعمة، بل هي للمجتمع المحلي وتبنيها من خلال التفاعل بين المواطنين والمسؤولين والمنظمات الدولية، حيث لا يمكن سد الاحتياجات من جهة واحدة، وإن التعافي مسؤولية الجميع من خلال دعم اللامركزية والحوكمة الاقتصادية.
وقدم شرحاً حول التخطيط التشاركي للتعافي المبكر الذي تشارك فيه عدد من المنظمات الأممية والجمعيات الأهلية إلى جانب الجهات الحكومية المعنية، كما أوضح ما تم إنجازه في حي قاضي عسكر وفق قانون الإدارة المحلية الذي ركز على دور المجتمع المحلي، وذلك من خلال تحديد الأولويات والاحتياجات الحقيقية للمواطنين، مشيراً إلى تزايد الاحتياجات الخدمية في ظل الظروف الراهنة وتراجع الموارد والتمويل.
ولفت مدير مكتب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في حلب إلى أهمية العمل التشاركي في رسم الخطط والبرامج التنفيذية التي تم إنجازها بالتنسيق مع الأهالي الموجودين على الأرض في /24/ حياً في المدينة القديمة منذ /8/ أشهر من اللقاءات وورشات العمل المشتركة، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي من الورشة تقييم العمل ووضع مخرجات خطة التعافي وصياغتها انطلاقاً من الاحتياجات الحقيقية للأهالي.
وقدم فريق عمل “UNDP” بمكتب حلب عرضاُ شاملاً للتحليل النظري لمخرجات المجتمع المحلي من مشكلات وحلول وموارد في أحياء حلب القديمة والتي تسهم بدورها في رسم خارطة الأولويات وتصميم محاور خطط التعافي بما يساهم في تعزيز عملية التنمية المستدامة, مشيراً إلى أهمية الجلسات الحوارية مع المجتمع المحلي والقطاع الخاص والجمعيات الاهلية في المدينة القديمة على مدار الـ/8/ شهور، والتي تم خلالها وضع الرؤى والاهداف وتحديد خطط التعافي وفق النهج التشاركي مع الأطراف الفاعلة، مبينة المسار التنفيذي لعملية التخطيط التشاركي من خلال /38/ ورشة عمل وتحديد المشكلات والحلول للوصول إلى المخرجات اللازمة لخطة التعافي في المدينة القديمة .
واستعرض عدد من المشاركين من المجتمع المحلي تجاربهم الخاصة لتحديد الاحتياجات في أحياء المدينة القديمة من خلال مشاركتهم في ورشات العمل، فيما قدم عدد من أعضاء الفريق التطوعي في حي قاضي عسكر لمحة عن الأعمال التي شاركوا فيها مع الجهات الحكومية والمنظمات والجمعيات المعنية لوضع خطط التعافي ضمن الحي انطلاقاً من تعزيز اللامركزية المحلية.
يذكر أن ورشة العمل تواصل أعمالها على مدار يومين متتاليين من خلال مرحلتين، تتضمن الأولى مجموعات عمل ووضع مصفوفات التداخلات وفق محاور وخطة التعافي مع الأدوار والأولويات (البنى التحتية والخدمات الأساسية – الحيوية الاقتصادية – التنظيم المؤسساتي – التنظيم المجتمعي) وتحديد المخرجات المناسبة.