أكد الصحفي رواد بلان في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم أن العقوبات المفروضة لا يمكن رفعها إلا عبر حكومة تحظى بثقة الشعب، وهو ما يتطلب تشكيل هيئة حكم انتقالي تضع دستورا عصريا وقانون انتخابات جديدا. أوضح أن إدارة العمليات الحالية تعاني من فقدان الشرعية، نظرا لتكوينها من شخصيات مصنفة على قوائم الإرهاب، وهو ما يجعلها عاجزة عن الوصول إلى جميع أطياف المجتمع السوري أو تحقيق الاستقرار الاقتصادي. أشار إلى أن غياب الاستقرار يمنع تدفق الاستثمارات والمساعدات الدولية، بينما سياسة فتح الحدود بشكل غير مدروس أدت إلى إغراق الأسواق بالبضائع الأجنبية، في تكرار للأخطاء التي وقعت خلال فترة النظام السابق.
شدد بلان على أن نجاح عملية التغيير في سوريا يتطلب حوارا حقيقيا ينطلق من القواعد الشعبية قبل أن يتحول إلى مؤتمر وطني، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني للحوار السوري لا يمكن أن يكون ساحة للنقاش، بل يجب أن يعكس التوافقات التي يتم التوصل إليها محليا. اعتبر أن تأجيل المؤتمر مرتين قد يكون مؤشرا على ضعف التحضير، محذرا من أن يتحول إلى مجرد غطاء لإضفاء شرعية على إدارة العمليات.
لفت بلان إلى أن إدارة العمليات تجهل كثيرا طبيعة المكونات السورية والمجتمع السوري، معتبرا أن محاولات النظام السابق لعقد مؤتمر يمثل السوريين في سوتشي انتهت بالفشل، لأن الهدف لم يكن الوصول إلى توافقات، بل فرض نموذج يشبه النظام نفسه. شدد على أن أي حوار وطني يحتاج إلى طرف ثالث لتسهيله، مؤكدا أن الأمم المتحدة يجب أن تلعب دورا في تيسير العملية، لأن أي طرف يحتكر السلاح لا يمكنه فرض حوار تحت سطوته.
أوضح بلان أن كثيرين من المعارضين السوريين لا يشعرون بالأمان للعودة إلى سوريا أو دمشق، بسبب التجاوزات والانتهاكات المستمرة، مما يجعل عقد مؤتمر وطني جامعا أمرا في غاية الصعوبة. رأى أن المؤتمر التحضيري الذي انعقد في دمشق مؤخرا لم يحقق أي نتائج إيجابية، بل خرج الناس منه يتحدثون عن المغالطات التي تخللته.
أكد بلان أن نجاح المؤتمر الوطني يتطلب تشكيل لجنة حوارية على مستوى سوريا تتواصل مع الأمم المتحدة لتنسيق الدعوات والمكان الآمن وتفاصيله، قبل أن تبدأ الحوارات في الوحدات الإدارية حول قضايا محددة مثل هيئة الحكم الانتقالية، ولجنة الدستور، وقانون الانتخابات، وتشكيل الجيش، لتتطور بعد ذلك إلى مستوى المحافظات والأقاليم، ثم تصل إلى المستوى الوطني لإظهار توافقات السوريين. رأى أن لجنة من الخبراء السوريين والأمميين يجب أن تتولى صياغة هذه التصورات وطرحها للاستفتاء الشعبي، حتى يكون المؤتمر الوطني هو الجهة الشرعية لتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
وحول القرار 2254، شدد بلان على أن القرار ينص على تشكيل حكومة لكنه لم يحدد إسقاط النظام، مشيرا إلى أن الحكومة السورية ما زالت قائمة من الناحية الشرعية والدستورية، وكذلك مجلس الشعب ودستور 2012. أشار إلى أن أي عملية انتقالية يجب أن تتم وفق مسار دستوري، وفي حال فرار رئيس الجمهورية، يتولى نائبه إجراء انتخابات خلال ثلاثة أشهر.
أوضح بلان أن إدارة العمليات في دمشق لم تطرح أي خارطة طريق واضحة، بينما تستمر التجاوزات الدستورية مثل إقالة المحافظين وتعيين أشخاص في مواقع حساسة دون أي إطار قانوني واضح. اعتبر أن هذه السلطة ستبقى غير شرعية حتى تستمد شرعيتها عبر انتخابات حرة، مشيرا إلى أن الاعتراف بحكومة انتقالية لا يكفي إذا لم تكن هناك آليات واضحة لتنفيذ التعهدات. شدد على أن حكومة تصريف الأعمال لا تمتلك صلاحيات تعيين المحافظين أو حاكم المصرف المركزي أو التدخل في النقابات، بل يجب أن تبقى جميع الكيانات في حالة تصريف أعمال حتى تشكيل حكومة جديدة.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت هذه القرارات ناتجة عن عدم معرفة أو أنها ضرورية، رأى بلان أنها تعكس نقصا في الخبرة، مؤكدا أن حسن النية في السياسة يحمل محاذير كثيرة، لأن السلطة قد تكون مغرية لمن يتولاها. أشار إلى أن إدارة العمليات قدمت نفسها على أنها جاءت لتحرير السوريين من النظام السابق، رغم أن النظام كان قد انهار قبل وصولها إلى دمشق. اعتبر أن العسكريين الذين رموا سلاحهم ولم يشاركوا في القتال يجب التعامل معهم بإيجابية، لأنهم رفضوا استمرار القتال وساهموا في حقن الدماء.
وحول الأحزاب السياسية، أوضح بلان أن جميع القوى السياسية تعرضت للتدمير خلال العقود الماضية، لكن اليوم أمامها فرصة لإعادة بناء نفسها بعيدا عن التبعية لأي سلطة. حذر من أن استمرار النهج القائم حاليا قد يؤدي إلى إعادة إنتاج الفساد والمحسوبيات التي ميزت النظام السابق. أشار إلى أن هناك مؤشرات خطيرة مثل إعادة بعض الشخصيات المرتبطة بالدفاع الوطني، مما يثير القلق حول مستقبل العملية السياسية.
أكد بلان أن السوريين أبناء الحياة السياسية، والتاريخ يشهد على ذلك، مشيرا إلى أن مقولة شكري القوتلي لعبد الناصر بأن “لديه شعبا سياسيا” تعكس حقيقة لا يمكن إنكارها. شدد على أن أي سلطة قادمة يجب أن تدرك أن السوريين لن يقبلوا بالعودة إلى نموذج الحكم الذي فرضه حافظ الأسد وبشار الأسد، بل يريدون مستقبلا قائما على المساواة والحقوق.
وحول الاهتمام الدولي بسوريا، أوضح بلان أن المجتمع الدولي لا يزال في مرحلة الاستطلاع، ويريد أن يرى كيف تتطور الأوضاع قبل أن يتخذ خطوات عملية. أشار إلى أن تشكيل حكومة انتقالية وجيش جديد وأجهزة أمنية تعد رسائل مهمة، لكن لا يمكن لأي طرف أن يستمد شرعيته من الخارج، لأن الدول ليست جمعيات خيرية، بل تتعامل وفقا لمصالحها. أكد أن الاعتقاد بأن سقوط بشار الأسد وحده كان سيؤدي إلى تدفق الأموال على سوريا كان وهما، مشيرا إلى أن رسالة وزيرة الخارجية الألمانية كانت واضحة بهذا الخصوص، وهي تتشابه مع رسائل أخرى صدرت عن أطراف دولية مختلفة.