في ظل التحولات الجيوسياسية الكبرى التي يشهدها العالم، يأتي اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب في ألاسكا كمحطة فارقة في إعادة تعريف التحالفات الدولية وتوازنات القوى. وفي حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو مع المحلل السياسي حسام طالب على هواء إذاعة فيرجن إف إم، تم تحليل هذا اللقاء وأبعاده الاستراتيجية على المنطقة انطلاقاً من سوريا كحلقة مركزية في الصراع الدولي.
يرى طالب أن هذا اللقاء يمثل انتصاراً للتيار العولمي بقيادة ترامب، الذي نجح في كسر شوكة أوروبا وإعادتها إلى حظيرة النفوذ الأمريكي عبر حرب أوكرانيا. ويشير إلى أن المشروع الأوروبي الذي بدأ يظهر باستقلالية نسبية بعد نهاية مفعول مشروع مارشال، تم إجهاضه عبر إضعاف اقتصاده وتحويله إلى ساحة للصراع بين القوى الكبرى. ويكشف أن حرب أوكرانيا خدمت مصالح كل من أمريكا وروسيا في إضعاف الصين ومنعها من تعزيز نفوذها في أوروبا، حيث تحولت الهند إلى وسيط أساسي في تدفق الطاقة الروسية إلى السوق الأوروبية.
على الصعيد السوري، يحلل طالب أن التفاهم الروسي الأمريكي الذي مكن روسيا من التدخل في سوريا عام 2015 كان جزءاً من صفقة أوسع لترسيم حدود النفوذ في المنطقة. ويؤكد أن سوريا بقيت تحت الوصاية الدولية المشتركة، حيث لا تزال القرارات الكبرى تتخذ في العواصم الدولية وليس في دمشق. كما يشير إلى أن اجتماع ألاسكا قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التقاسم الواضح للنفوذ في سوريا والمنطقة، خاصة مع تراجع الدور الأوروبي وبروز الصين كمنافس جديد يجب احتواؤه.
ختاماً، يؤكد طالب أن العالم يعيش مرحلة تحول من نظام القطبية الأحادية إلى نظام تعدد الأقطاب المتحكم فيه، حيث تبرز روسيا كشريك أساسي لأمريكا في إدارة العالم، بينما تُدفع الصين إلى دور ثانوي. ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن سوريا والمنطقة من استغلال هذه التحولات لتحقيق مصالحها الوطنية، أم أنها ستظل رهينة الصفقات الدولية التي تُصنع في عواصم القوى الكبرى؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مصير المنطقة لعقود قادمة.