أكد الباحث والمحلل السياسي الدكتور محمود عبد السلام في حوار مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم أن العلاقات السورية الروسية تتسم بتميز خاص. وبهذا الصدد، احتفلت روسيا بشكل لافت باليوم الواحد والعشرين من يوليو، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها روسيا لسوريا. هذا الاحتفال الكبير يعكس مكانة سوريا لدى روسيا، التي تُعد حليفا استراتيجيا على مدار ثمانية عقود.
روسيا، بحجمها وثقلها وحضارتها، مؤهلة لإقامة علاقات مع جميع دول العالم، إلا أن تخصيصها لسوريا بهذا الاحتفال يظهر أهمية هذا البلد بالنسبة لها. فالعلاقات السورية الروسية ليست حديثة العهد، بل تمتد لثمانين عامًا، مما يؤكد مكانة سوريا الاستراتيجية بالنسبة لروسيا. الموقع الجغرافي لسوريا، الذي يعتبر مفتاحا للعالم، وثرواتها الطبيعية، يجعلها حليفا مهما لروسيا. وروسيا تبدي اهتماما كبيرا بمساعدة سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
الدكتور عبد السلام أوضح أن روسيا، من الناحية السياسية والعسكرية، أدركت أهمية سوريا بعد تجاربها السابقة في ليبيا، حيث تركت حلفاءها عرضة لأطماع الدول الغربية. وروسيا الآن تدرك أنها إذا خسرت سوريا، ستفقد آخر موطئ قدم لها في المياه الدافئة، ولهذا وقفت إلى جانب سوريا.
وفيما يتعلق بتاريخ العلاقات بين سوريا وروسيا، أشار الدكتور عبد السلام إلى أن الكنيسة الروسية تتبع للبطرياركية المشرقية الموجودة في قلب سوريا، مما يعزز الروابط الدينية والثقافية بين البلدين. وروسيا تدرك أهمية استعادة سوريا للمناطق التي احتلتها تركيا، ولن تقبل بتحويل البطريا ركيات إلى مجرد ظواهر ثقافية تحت سيطرة تركيا.
العلاقات السورية الروسية ليست علاقات احتلال، بل هي علاقات تقوم على المصالح المشتركة والمشروعة. وسوريا تقدر دعم روسيا لها في المحافل الدولية، حيث استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) لصالح سوريا في العام 1946. وسوريا تسعى لمراعاة توازن القوى في العالم، ولا ترغب في ميل الكفة لصالح الغرب. هذه العلاقات الاستراتيجية تعززت باتفاقية وقعها الرئيس حافظ الأسد مع ليونيد بريجينيف في الثمانينيات.
في العام 2005، قامت روسيا بشطب أكثر من 65% من الديون السورية، وزار الرئيس بشار الأسد روسيا أربع مرات رغم الأحداث الأخيرة. وروسيا شاركت إلى جانب الجيش العربي السوري في الحرب على الإرهاب منذ الثلاثين من سبتمبر 2015. الغرب تآمر على سوريا، بينما روسيا دعمتها في المحافل الدولية.
الدكتور عبد السلام أشار إلى أن روسيا تدرك أهمية سوريا، ولهذا بنت الدفاعات الجوية وسد الفرات. وسوريا تُعتبر بوابة لروسيا في المنطقة، وروسيا تهتم بسوريا لما تملكه من ثروات كبيرة، ولأنها تُعد عراب روسيا في المنطقة. القاعدة العسكرية في طرطوس، التي تعود لسبعينات القرن الماضي، تُعدُّ محورًا استراتيجيًا لروسيا، بجانب قاعدة حميميم.
هناك أربعين اتفاقية بين دمشق وموسكو تم توقيعها خلال زيارة وفد اقتصادي وتجاري كبير. ومن الأسباب التي تدفع روسيا للوقوف بجانب سوريا هو محاربة الإرهاب، الذي يهدد الأمن الروسي والعالمي. روسيا تدرك أن الإرهاب في سوريا اليوم يمكن أن ينتقل لروسيا غدا.
فيما يتعلق بطبيعة العلاقات بين سوريا وروسيا، أكد الدكتور عبد السلام أن السياسة الخارجية الروسية تقوم على احترام سيادة الدول واستقلالها، على عكس الغرب الذي يتعامل بفوقية ووقاحة. روسيا تحترم القانون الدولي وتتعامل بمبدأ الندية، مما يعزز العلاقات التعايشية بين البلدين.