في حديث خاص لشبكة شام نيوز عبر إذاعة ميلودي إف إم، قدم المحلل السياسي محمد العمري تحليلاً شاملاً للوضع الراهن في شمال شرق سوريا، مسلطاً الضوء على علاقة ميليشيات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بالمشروع الأمريكي، وتأثيرات التحركات الإقليمية على هذه العلاقة.
وفقاً للعمري، فإن المحاولات المستمرة التي تقودها كل من روسيا والعراق لتقريب العلاقات السورية التركية قد أثارت غضب قسد في الفترة الأخيرة. هذا التوتر جاء نتيجة لقناعة متزايدة لدى قسد، خاصة بعد طرح بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي في مارس الماضي فكرة عدم جدوى الوجود الأمريكي في سوريا، والمطالبات المتزايدة بالانسحاب. كما أشار إلى مؤشرات إيجابية بدأت تظهر في العلاقات الأمريكية السورية، منها عدم التمديد العلني لقانون قيصر وتجميد قانون الكبتاغون 2، والضغط على قسد لتأجيل الانتخابات.
هذا السياق جعل قسد تشعر بالقلق من احتمال انسحاب أمريكي من المنطقة، خاصة أن هناك مطالب عراقية بانسحاب القوات الأمريكية من العراق. وبيّن العمري أن عدم وجود قواعد أمريكية كبيرة في سوريا، مثل قاعدة عين الأسد في العراق، يجعل من الصعب على الولايات المتحدة البقاء في سوريا إذا انسحبت من العراق. هذا العامل بالتحديد يثير قلق قسد، التي ترى أن انسحاباً أمريكياً من العراق قد يتبعه انسحاب مماثل من سوريا، مما يضعها في موقف حرج.
في هذا السياق، تطرق العمري إلى الاتهامات التي توجه للعشائر العربية في المنطقة بالعمالة لإيران وتركيا، بسبب تحركاتها الأخيرة. وأشار إلى أن هذه العشائر تحصل على دعم من الدولة السورية، منتقداً الموقف الأمريكي الذي يضخ السلاح لإسرائيل بينما لا يقدم الدعم للفلسطينيين. ولفت إلى أن انتفاضة العشائر ضد قسد ليست الأولى، إذ سبقها حراك مشابه في نهاية العام الماضي.
وأكد العمري أن القوات الأمريكية وميليشيا قسد ارتكبت جرائم بحق الأهالي، مبررة ذلك بوجود تنظيم داعش في تلك المناطق. وأوضح أن القوات الأمريكية، بما في ذلك سلاح الجو، شاركت مع قسد في استعادة المناطق التي تم تحريرها سابقاً من سيطرتها. مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تقدم الدعم لقسد لسببين: الأول هو الحفاظ على هذه المنطقة تحت إدارتها في الوقت الراهن، والثاني هو عدم رغبتها في اندماج قسد في المفاوضات التي تسعى إليها روسيا وبعض الدول العربية لحل الأزمة في المنطقة.
أما فيما يخص اتجاهات قسد وإمكانية التفاوض، فقد أشار العمري إلى أن 80% من قيادات قسد ليسوا سوريين، بل ينتمون إلى جبال قنديل، وأن داخل قسد يوجد ثلاث تيارات منذ عام 2014: تيار يسعى للتعاون مع الأمريكيين لإقامة دولة انفصالية، وتيار آخر يطالب بالتنسيق مع الحكومة السورية، وتيار ثالث يسعى للتواصل مع الحكومة السورية ويقرأ المشهد بعقلانية أكبر. ومع ذلك، أبدى العمري أسفه لأن التيار الموالي لأمريكا هو المهيمن، مشيراً إلى أن القيادات الحالية لقسد تنفذ المشروع الأمريكي، حتى في تسمية “سوريا الديمقراطية”، حيث كان الهدف من هذه التسمية تقديم صورة بأن النظام في سوريا همجي وعدواني، في حين أن النظام الذي تم تأسيسه في هذه المنطقة ديمقراطي ويضم جميع مكونات سوريا من كرد وعرب وأرمن، كما يحارب الإرهاب.
وفي الختام، تناول العمري التحركات الأخيرة في المنطقة، مشيراً إلى إطلاق عدد من عوائل داعش من مخيم الهول، ما أثار قلقاً كبيراً داخل العراق. وأكد أن هذه التطورات لا يمكن فهمها بشكل كامل إلا بالعودة إلى اللقاء الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، حيث تم التأكيد على وجود تصعيد في سوريا والمنطقة.
يختم العمري حديثه بالإشارة إلى أن روسيا حريصة على عدم حدوث مواجهة بين الحكومة السورية والجيش السوري من جهة وميليشيا قسد من جهة أخرى، لأن مثل هذه المواجهة قد تعطي الولايات المتحدة مبرراً لاستمرار وجودها في المنطقة تحت ذريعة حماية الأقليات.