تقدم الإسلاميون في الأردن على الأحزاب الأخرى التي شاركت في الانتخابات البرلمانية بحصولهم على 31 مقعدا من أصل 138، في نتيجة غير مسبوقة للحركة الإسلامية منذ أكثر من ثلاثة عقود، وذلك على خلفية الحرب في قطاع غزة.
ولم يحصل حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يعتبر أبرز حزب معارض في الأردن، على الغالبية. وكان خبراء أكدوا أن قانون الانتخاب الذي أجريت على أساسه الانتخابات، صُمّم بشكل يجعل من الصعب على أي حزب أن يحصل على هذه الغالبية، أو أن يؤثر في المشهد السياسي.
وتوزّعت المقاعد الأخرى، وفق ما أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب مساء الأربعاء، بين ممثلي العشائر الأردنية الكبرى وأحزاب يسارية وأحزاب موالية للحكومة ونواب سابقين وعسكريين سابقين وأحزاب وسطية.
وبين الفائزين 27 امرأة.
وحصل حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، على 17 مقعدا على مستوى القوائم الحزبية و14 مقعدا على مستوى القوائم المحلية، كمستقلين، وفق ما قالت الهيئة في مؤتمر صحافي.
وكان عدد مقاعد حزب جبهة العمل الإسلامي عشرة في البرلمان المنتهية ولايته والمؤلف من 130 مقعدا. وحصد الحزب 16 مقعدا في انتخابات 2016. وكانت الحركة الإسلامية ممثلة بحزب الإخوان المسلمين آنذاك. وحقّقت أفضل نتائجها في العام 1989 بحصولها على 22 مقعدا من أصل 80 كان عدد مقاعد البرلمان آنذاك.
“نتيجة مذهلة”
قال مدير مركز “القدس للدراسات السياسية”، عريب الرنتاوي، لوكالة فرانس برس، تعليقا على نتيجة الإسلاميين، إن “النتائج مذهلة في حجمها. قاربوا نصف مليون صوت. في تاريخ الحركة الإسلامية، لم يحصلوا على هذا الرقم من الأصوات”.
وأعرب عن اعتقاده أن “غزة لعبت دورا كبيرا في هذا الموضوع، فضلا عن إحساس الأردنيين بأن الأحزاب المنافسة ليست أحزابا متجذرة في البيئة الاجتماعية والثقافية والسكانية الأردنية، بقدر ما كانت أحزابا صنعت على عجل وكان الهدف منها تقليص فرص نجاح جبهة العمل الإسلامي”.
ويتحدرّ حوالي نصف سكان الأردن من أصول فلسطينية. وقاد الإسلاميون على مدى الأشهر الماضية احتجاجات واسعة في البلاد دعما للفلسطينيين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في حربها ضد إسرائيل في قطاع غزة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر.
وقال الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، وائل السقا، لوكالة فرانس برس: “نحن سعداء بهذه النتائج، وبهذه الثقة التي منحنا إياها الشعب الأردني، هذه الانتخابات كانت خطوة في الاتجاه الصحيح في تطوير منظومة الحياة السياسة”.
وأضاف: “غزة وفلسطين والقدس كلها جزء من بوصلة الأردن الرسمي والشعبي، وسنعمل على حشد الجهود الشعبية والرسمية لنكون عونا لهم ومساعدا لهم في أخذ حقوقهم والدفاع عنهم”، واعدا بـ”أن نمدّهم بالمساعدة المادية والعينية، وأن نكون رئة لهم في مسار التحرير ونيلهم حقّهم في دولة حرة”.
وقال رئيس اللجنة المستقلة للانتخاب، موسى المعايطة، خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه النتائج، إن ما حدث مع حزب جبهة العمل الإسلامي “يثبت أن الدولة الأردنية مصرة على التعددية السياسية ومصرة على مشاركة جميع أبنائها في التعددية السياسية وصنع القرار”.
وجرت الانتخابات وفق قانون جديد تم إقراره في يناير 2022، خصّص 41 مقعدا للأحزاب في محاولة لإعطاء دفع للعمل السياسي.
ورفع القانون الجديد عدد مقاعد مجلس النواب من 130 إلى 138 مقعدا، ومقاعد النساء من 15 إلى 18 مقعدا، وخفّض الحد الأدنى لأعمار المرشحين من 30 إلى 25 عاما.
وكان الإقبال ضعيفا في هذه الانتخابات، وسجّلت نسبة مشاركة بلغت 32,25%. وكانت نسبة المشاركة 30 في المئة في ظروف استثنائية خلال جائحة “كوفيد” في العام 2020.
ولم تحظ الحملات الانتخابية باهتمام كبير لدى الأردنيين بسبب الغضب الشعبي جراء الحرب في قطاع غزة التي دخلت شهرها الثاني عشر.
ولعلّ إقدام أردني، الأحد، على قتل ثلاثة حرّاس إسرائيليين عند معبر اللنبي/جسر الملك حسين بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، في عملية نادرة الحدوث، يشكّل مؤشرا إلى ما يسود الرأي العام الأردني.
وتدعو التظاهرات التي تنظّم في الأردن دعما لقطاع غزة، إلى إلغاء معاهدة السلام الموقّعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994.
ويشكّل مجلس النواب المنتخب أحد جناحي مجلس الأمة الأردني، إلى جانب مجلس الأعيان المؤلف من 69 عضوا يعينهم الملك.