بعد مرور أكثر من على سنتين على اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ضد التوسع الغربي نحو شرق أوروبا، أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت العقوبات الاقتصادية الهائلة المفروضة على موسكو فعالة حقا.
فحتى الآن نجحت العقوبات المالية والنقدية التي نفذتها الولايات المتحدة في سحق اقتصادات الدول الصغيرة، ولكنها ربما لن تنجح مع الدول ذات الاقتصادات الكبرى مثل روسيا، التي تملك عللاقات قوية مع دول العالم، ويبلغ حجم اقتصادها 1.72 تريليون دولار. وتنبع قوة الاقتصاد الروسي من هيمنته على سلع استراتيجية، بينها القمح والحبوب والنفط والغاز الطبيعي والمعادن الاستراتيجية واليورانيوم. وبالتالي على رغم من أن العقوبات الغربية على روسيا كانت أشد قسوة من العقوبات على الدول الصغيرة؛ لكنها لم تنجح بسبب تقديم الصين والهند أسواقاً بديلة.
وفي الوقت الذي يفرض فيه الغرب وعلى رأسها واشنطن عقوبات جديدة كل نصف سنة تقريبا، تجني موسكو حوالي 800 مليون دولار يوميا، ويتم إنفاق جزء كبير منها من أجل تحفيز اقتصاد البلاد، وإذا كان الهدف من العقوبات هو تدمير الاقتصاد الروسي وآلة الحرب، فمن الصعب وصفها بأنها ناجحة.
بعبارة أخرى، استعد بايدن لمباراة اقتصادية طويلة، ولم تعد إستراتيجيته تتمحور حول توجيه ضربة مالية، بل أصبحت تتمثل في ضرب خزائن الكرملين (وجيوب الشعب الروسي) على أمل أن يستسلم بوتين في النهاية. لكن الاقتصاد الروسي والتخطيط السليم والمحنك للرئيس بوتين جعل الغرب نفسه يتضرر من العقوبات الروسية، حتى شاهدنا الشعوب الأوروبية تخرج إلى الشوارع ضد فرض مزيد من العقوبات على روسيا، لأن المتضرر منها هو الشعب البسيط في أوروبا، حيث ارتفعت اسعار الغاز والكهرباء والخدمات والبنزين وحتى اسعار المواد الغذائية في تلك الدول.
فشل واشنطن لم يقتصر على روسيا فقط، بل وحتى عقوباتها والعزلة السياسية الاقتصادية المفروضة على سوريا باءت بالفشل الذريع، فالرئيس بشار الأسد لا يزال على رأس السلطة والعلاقات السياسية والدبلوماسية بين سوريا والدول العربية والافريقية تستعيد نشاطها من جديد.
وعلى المستوى العسكري، وبالتحديد في شمال سوريا الذي تسيطر عليه الميليشيات الإرهابية والكردية المدعومة من واشنطن، بدأ بالتراجع هو أيضا، حيث صارت الميليشيات الكردية تخشى سيناريو أفغانستان، عندما هربت القوات الامريكية تاركة وراءها أسلحتها وميليشياتها التي دعمتها لأكثر من 20 سنة. القوات الأمريكية بدأت في الانسحاب من الشمال السوري، الذي صار يشهد مؤخرا صحوة وخاصة في إدلب، تطالب بتدخل القوات السورية والروسية لدحر المجرمين والارهابيين الأكراد والمتطرفين التابعين للبيت الأبيض، الذي تتلاشى قواه وجهوده كل يوم…